الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثانية

[ إذا أسلم رجل على يديه هل يكون ولاؤه له ]

اختلف العلماء فيمن أسلم على يديه رجل هل يكون ولاؤه له ؟

فقال مالك والشافعي والثوري وداود وجماعة : لا ولاء له .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : له ولاؤه إذا والاه ، وذلك أن مذهبهم أن للرجل أن يوالي رجلا آخر فيرثه ويعقل عنه ، وأن له أن ينصرف من ولائه إلى ولاء غيره ما لم يعقل عنه .

وقال غيره : بنفس الإسلام على يديه يكون له ولاؤه .

فعمدة الطائفة الأولى قوله - صلى الله عليه وسلم - " إنما الولاء لمن أعتق " وإنما هذه هي التي يسمونها الحاصرة ، وكذلك الألف واللام هي عندهم للحصر ، ومعنى الحصر هو أن يكون الحكم خاصا بالمحكوم عليه لا يشاركه فيه غيره ( أعني : أن لا يكون ولاء بحسب مفهوم هذا القول إلا للمعتق فقط المباشر ) .

وعمدة الحنفية في إثبات الولاء بالموالاة قوله تعالى : ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ) ، وقوله تعالى : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) .

وحجة من قال : الولاء يكون بنفس الإسلام فقط حديث تميم الداري قال : " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن [ ص: 690 ] المشرك يسلم على يد مسلم ؟ فقال هو أحق الناس وأولاهم بحياته ومماته " وقضى به عمر بن عبد العزيز . وعمدة الفريق الأول أن قوله تعالى : ( والذين عقدت أيمانكم ) منسوخة بآية المواريث ، وأن ذلك كان في صدر الإسلام ، وأجمعوا على أنه لا يجوز بيع الولاء ولا هبته لثبوت نهيه - عليه الصلاة والسلام - عن ذلك إلا ولاء السائبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية