الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تهود نصراني أو عكسه ) أي تنصر يهودي في دار الحرب أو دارنا كما يصرح به كلامهم ومصلحة قبول الجزية بعد الانتقال بدار الحرب الذي زعمه الزركشي [ ص: 327 ] لا نظر إليها وإلا لأقر إذا طلبها ولمن انتقل بدارنا ( لم يقر في الأظهر ) لأنه أقر ببطلان ما انتقل عنه وكان مقرا ببطلان ما انتقل إليه فلم يقر كمسلم ارتد وقضيته أن من انتقل عقب بلوغه إلى ما يقر عليه يقر وليس مرادا كما هو ظاهر لأنا لا نعتبر اعتقاده بل الواقع وهو الانتقال إلى الباطن والتعليل المذكور إنما هو للغالب فلا مفهوم له ( فإن كانت ) المنتقلة ( امرأة لم تحل لمسلم ) لأنها لا تقر كالمرتدة ( وإن كانت ) المنتقلة ( منكوحته ) أي المسلم ومثله كافر لا يرى حل المنتقلة ( فكردة مسلمة ) فتتنجز الفرقة قبل الوطء وكذا بعده إن لم تسلم قبل انقضاء العدة ( ولا يقبل منه إلا الإسلام ) إن لم يكن له أمان ؛ فنقتله إن ظفرنا به وإلا بلغ مأمنه وفاء بأمانه ( وفي قول ) لا يقبل منه إلا الإسلام ( أو دينه الأول ) لأنه كان مقرا عليه وليس المراد أنه يطلب منه أحدهما ؛ إذ طلب الكفر كفر بل إنه يطالب بالإسلام عينا فإن أبى ورجع لدينه الأول لم نتعرض له وقيل المراد ذلك ولا طلب فيه للكفر لأنه إخبار عن الحكم الشرعي كما يطالب بالإسلام أو الجزية ( ولو توثن ) كتابي ( لم يقر ) لما مر ( وفيما يقبل ) منه ( القولان ) المذكوران أظهرهما تعين الإسلام فإن أبى فكما مر ( ولو تهود وثني أو تنصر لم يقر ) لذلك ( ويتعين الإسلام كمسلم ارتد ) ولم يجر هنا القولان لأن المنتقل عنه أدون فإن أبى فكما مر أيضا على الأوجه وإن اقتضى كلامهم قتله مطلقا تغليبا لحقن الدم ووفاء بالأمان إن كان له والفرق بينه وبين مسلم ارتد ظاهر ، وزعم الزركشي كالأذرعي أنه يبقى على حكمه ، وإن وقع منه ذلك بعيد من كلامهم والمعنى كما هو ظاهر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 327 ] قوله : لا يرى حل المنتقلة ) قال في شرح الروض فإن رأى نكاحها أقررناها انتهى ( قوله : وإلا ) أي بأن كان له أمان بلغ مأمنه وفاء بأمانه قال في شرح الروض ثم هو حربي إن ظفرنا به قتلناه انتهى واقتصاره على القتل يفهم أنه لا يكفي إرقاقه ويوجه بأن ترك قتله يتضمن قبول غير الإسلام منه وإقراره عليه مع أنه لا يقبل منه ذلك وعلى هذا فلو أرققناه فهل نقول لا يثبت الرق أو نقول يثبت لكن لا بد معه من قتله إن لم يسلم فيه ؟ نظر فليراجع ( قوله : كما يطالب بالإسلام أو الجزية ) ويفرق على الأول بأن طلب الجزية ليس طلب نفس الكفر بخلاف طلب الرجوع لدينه الأول ( قوله : كما يطالب بالإسلام أو الجزية ) وقول الزركشي " ويظهر أن عدم قبول غير الإسلام فيما بعد عقد الجزية أي قبل الانتقال أما لو تهود نصراني بدار الحرب ثم جاءنا وقبل الجزية فإنه يقر لمصلحة قبولها " مخالف لكلامهم شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي تنصر ) إلى الباب في النهاية إلا قوله " ومصلحة " إلى المتن وقوله : وإن اقتضى إلى المتن ( قوله : كما يصرح به ) أي بقوله " أو دارنا " ( قوله : - [ ص: 327 ] وإلا لأقر إلخ ) ويظهر بتأمل كلام الزركشي الآتي عن النهاية أنه لا يقوم عليه أي الزركشي فإنه يقول بإقراره فيما ذكر ( قوله : إذا طلبها ) أي الجزية وقبولها منه ( قوله : وقضيته ) أي التعليل أي ما تضمنه من قوله وكان مقرا إلخ ( قول المتن فإن كانت ) الأولى إسقاط تاء التأنيث ( قوله : المنتقلة ) أي من النصرانية إلى اليهودية أو بالعكس ( قوله : فتتنجز الفرقة ) إلى قوله وقيل المراد في المغني ( قوله : قبل الوطء ) أي ووصول مني محترم في فرجها مغني وشرح المنهج ( قول المتن : منه ) أي ممن انتقل من دين النصرانية إلى دين اليهودية أو بالعكس .

                                                                                                                              ( قوله : فنقتله إن ظفرنا به ) أي يجوز لنا قتله ويجوز ضرب الرق عليه ويجوز المن عليه ا هـ شيخنا الزيادي وهذا في الذكر وقياسه في المرأة أنها لا تقتل ولكنها ترق بمجرد الاستيلاء عليها كسائر الحربيات ولا ينافيه قوله : قبل : لأنها لا تقر كالمرتدة لجواز أن يريد أنها لا تقر بالجزية قاله ع ش ولا يخفى ما فيه إذ كلامهم كالصريح في تعين القتل بل كلام الأذرعي الآتي آنفا صريح فيه أيضا قوله : لجواز أن يريد إلخ ظاهر المنع ولذلك عقب الحلبي ما مر عن الزيادي بما نصه وفيه نظر لأنه لا يقر على غير الإسلام فلا بد من قتله وإن ضربنا عليه الرق أو مننا عليه ا هـ وقال سم قوله : وإلا بلغ مأمنه قال في شرح الروض ثم هو حربي وإن ظفرنا به قتلناه ا هـ واقتصاره على القتل يفهم أنه لا يكفي إرقاقه ويوجه بأن ترك قتله يتضمن قبول غير الإسلام منه وإقراره عليه مع أنه لا يقبل منه ذلك وعلى هذا فلو رققناه فهل نقول لا يثبت الرق أو نقول يثبت لكن لا بد معه من قتله إن لم يسلم ؟ فيه نظر فليراجع ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن : وفي قول إلخ ) وقول الزركشي " ويظهر أن عدم قبول غير الإسلام فيما بعد عقد الجزية أي قبل الانتقال أما لو تهود نصراني بدار الحرب ثم جاء وقبل الجزية فإنه يقر لمصلحة قبولها " مخالف لكلامهم ا هـ نهاية ومر آنفا في الشارح ما يوافقه واعتمد المغني ما قاله الزركشي .

                                                                                                                              ( قوله : كما يطالب بالإسلام إلخ ) ويفرق على الأول بأن طلب الجزية ليس طلب نفس الكفر بخلاف طلب الرجوع لدينه الأول ا هـ سم ( قوله : كتابي ) إلى التتمة في المغني إلا قوله نعم يعزر ( قوله : كتابي ) أي أو مجوسي ا هـ مغني ( قوله : لما مر ) أي في شرح لم يقر في الأظهر ( قوله : أظهرهما تعين الإسلام ) فإن كان امرأة تحت مسلم فكردة مسلمة فيما يأتي ا هـ مغني ( قوله : فكما مر ) أي آنفا في قوله إن لم يكن له أمان إلخ ( قوله : على الأوجه ) في الأصل على الأول فليحرر ا هـ سيد عمر ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان له أمان أو لا ( قوله : تغليبا إلخ ) راجع لما قبل الغاية ( قوله : وزعم الزركشي كالأذرعي أنه إلخ ) عبارة الأذرعي عقب قول المصنف كمسلم ارتد نصها هذا الكلام يقتضي أنه إن لم يسلم قتلناه كالمرتد والوجه أن يكون حاله كما قبل الانتقال حتى لو كان له أمان لم يتغير حكمه بذلك وإن كان حربيا لا أمان له قتل إلا أن يسلم وهذا واضح انتهت ا هـ رشيدي ( قوله : وإن وقع منه ) أي من الوثني ذلك أي الانتقال إلى اليهودية أو النصرانية ( قوله : بعيد من كلامهم إلخ ) أقول وبحمل قولهما لم يتغير حكمه إلخ على - [ ص: 328 ] بقاء أمانه وعدم جواز قتله حالا بل يبلغ مأمنه ثم بعد ذلك هو حربي إن ظفرنا به قتلناه يرتفع الخلاف فتأمل بالإنصاف .




                                                                                                                              الخدمات العلمية