الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل :

في كيفية الوقف على أواخر الكلم :

للوقف في كلام العرب أوجه متعددة والمستعمل منها عند أئمة القراءة تسعة : السكون ، والروم ، والإشمام ، والإبدال ، والنقل ، والإدغام ، والحذف ، والإثبات ، والإلحاق .

فأما السكون : فهو الأصل في الوقف على الكلمة المحركة وصلا ; لأن معنى الوقف : الترك والقطع ، ولأنه ضد الابتداء فكما لا يبتدأ بساكن لا يوقف على متحرك ، وهو اختيار كثير من القراء .

وأما الروم : فهو عند القراء عبارة ، عن النطق ببعض الحركة ، وقال بعضهم : تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها . قال ابن الجزري : وكلا القولين واحد . ويختص [ ص: 293 ] بالمرفوع والمجزوم والمضموم والمكسور . بخلاف المفتوح ; لأن الفتحة خفيفة ، إذا خرج بعضها خرج سائرها ، فلا تقبل التبعيض .

وأما الإشمام : فهو عبارة ، عن الإشارة إلى الحركة من غير تصويت . وقيل : أن تجعل شفتيك على صورتها . وكلاهما واحد .

ويختص بالضمة ، سواء كانت حركة إعراب أم بناء إذا كانت لازمة ، أما العارضة ، وميم الجمع عند من ضم ، وهاء التأنيث : فلا روم في ذلك ولا إشمام .

وقيد ابن الجزري : هاء التأنيث بما يوقف عليها بالهاء ، بخلاف ما يوقف عليها بالتاء للرسم .

ثم إن الوقف بالروم والإشمام ورد عن أبي عمر والكوفيين نصا ، ولم يأت ، عن الباقين فيه شيء ، واستحبه أهل الأداء في قراءتهم أيضا .

وفائدته : بيان الحركة التي تثبت في الوصل للحرف الموقوف عليه ; ليظهر للسامع أو الناظر كيف تلك الحركة الموقوف عليها .

وأما الإبدال : ففي الاسم المنصوب المنون ، يوقف عليه بالألف بدلا من التنوين ومثله ( إذن ) . وفي الاسم المفرد المؤنث بالتاء ، يوقف عليه بالهاء بدلا منها . وفيما آخره همزة متطرفة بعد حركة أو ألف ، فإنه يوقف عليه عند حمزة بإبدالها حرف مد من جنس ما قبلها ، ثم إن كان ألفا جاز حذفها نحو : اقرءوا [ العلق : 1 ] و نبئ [ الحجر : 49 ] و يبدأ [ الروم : 11 ] . و إن امرؤ [ النساء : 176 ] ، و من شاطئ [ القصص : 30 ] و يشاء [ التكوير : 29 ] ، و من السماء [ البقرة : 22 ] ، و من ماء [ النور : 45 ] .

وأما النقل : ففيما آخره همزة بعد ساكن ، فإنه يوقف عليه عند حمزة بنقل حركتها إليه فيحرك بها ، ثم تحذف هي ، سواء :

أكان الساكن صحيحا ، نحو : دفء [ النحل : 5 ] ملء [ آل عمران : 91 ] . ينظر المرء [ عم : 40 ] لكل باب منهم جزء [ الحجر : 44 ] بين المرء وقلبه [ الأنفال : 24 ] و بين المرء وزوجه [ البقرة : 102 ] يخرج الخبء [ النمل : 25 ] ولا ثامن لها .

أم ياء أو واوا أصليتين ، سواء كانتا حرف مد ، نحو : المسيء وجيء [ الزمر : 69 ] و يضيء [ النور : 35 ] . أن تبوء [ المائدة : 29 ] لتنوء [ القصص : 76 ] وما عملت من سوء [ آل عمران : 30 ] أم لين ، نحو : شيء ، قوم سوء [ الأنبياء : 77 ] . مثل السوء [ النحل : 60 ] .

[ ص: 294 ] وأما الإدغام : ففيما آخره همز بعد ياء أو واو زائدتين ، فإنه يوقف عليه عند حمزة أيضا بالإدغام بعد إبدال الهمز من جنس ما قبله ، نحو : النسيء [ التوبة : 37 ] و بريء [ التوبة : 3 ] و قروء [ البقرة : 228 ] .

وأما الحذف : ففي الياءات الزوائد عند من يثبتها وصلا ، ويحذفها وقفا . وياءات الزوائد - وهي التي لم ترسم - مائة وإحدى وعشرون ، منها : خمس وثلاثون في حشو الآي ، والباقي في رءوس الآي .

فنافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو جعفر : يثبتونها في الوصل دون الوقف .

وابن كثير ويعقوب : يثبتان في الحالين .

وابن عامر وعاصم وخلف : يحذفون في الحالين .

وربما خرج بعضهم عن أصله في بعضها .

وأما الإثبات : ففي الياءات المحذوفات وصلا عند من يثبتها وقفا ، نحو : هاد و وال و واق و باق .

وأما الإلحاق : فما يلحق آخر الكلم من هاءات السكت عند من يلحقها في : عم و فيم و بم و لم و مم .

والنون المشددة من جمع الإناث ، نحو : هن و مثلهن .

والنون المفتوحة ، نحو : العالمين و الذين و المفلحون .

والمشدد المبني ، نحو : ألا تعلوا علي [ النمل : 31 ] . و خلقت بيدي [ ص : 75 ] و بمصرخي [ إبراهيم : 22 ] و لدي [ النمل : 10 ] .

قاعدة : أجمعوا على لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالا وإثباتا ، وحذفا ووصلا وقطعا . إلا أنه ورد عنهم اختلاف في أشياء بأعيانها ، كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء ، وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره ، وبإثبات الياء في مواضع لم ترسم بها ، والواو في : ويدع الإنسان [ الإسراء : 11 ] يوم يدع الداع [ القمر : 6 ] سندع الزبانية [ العلق : 18 ] و ويمح الله الباطل [ الشورى : 24 ] . والألف في أيها المؤمنون [ النور : 31 ] أيها الساحر [ الزخرف : 49 ] أيها الثقلان [ الرحمن : 31 ] .

وتحذف النون في : وكأين حيث وقع فإن أبا عمرو يقف عليه بالياء ويصل أيا ما في [ الإسراء : 110 ] . و مال في [ النساء : 78 ] والكهف [ 49 ] والفرقان [ 7 ] وسأل [ 36 ] وقطع ويكأن . . . ويكأنه [ القصص : 82 ] . ألا يسجدوا [ النمل : 25 ] . ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع .

التالي السابق


الخدمات العلمية