الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4128 حدثنا محمد بن إسمعيل مولى بني هاشم حدثنا الثقفي عن خالد عن الحكم بن عتيبة أنه انطلق هو وناس معه إلى عبد الله بن عكيم رجل من جهينة قال الحكم فدخلوا وقعدت على الباب فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب قال أبو داود قال النضر بن شميل يسمى إهابا ما لم يدبغ فإذا دبغ لا يقال له إهاب إنما يسمى شنا وقربة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( رجل من جهينة ) : بالجر بدل من عبد الله بن عكيم ( كتب إلى جهينة قبل موته ) : الضمير المجرور يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحديث تمسك به من ذهب إلى أنه لا ينتفع من الميتة بشيء سواء دبغ الجلد أو لم يدبغ وزعم أن هذا الحديث ناسخ لسائر الأحاديث وأجيب عن هذا الحديث بأجوبة فصلها العلامة الشوكاني في النيل وقال بعد تفصيلها : ومحصل الأجوبة على هذا الحديث الإرسال لعدم سماع عبد الله بن عكيم من النبي صلى الله عليه وسلم ثم الانقطاع لعدم سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عبد الله بن عكيم ثم الاضطراب في سنده ، فإنه تارة قال عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وتارة عن مشيخة من جهينة وتارة عمن قرأ الكتاب ، ثم الاضطراب في متنه فرواه الأكثر من غير تقييد ومنهم من رواه بتقييد شهر أو شهرين أو أربعين يوما أو ثلاثة أيام ، ثم الترجيح بالمعارضة بأن أحاديث الدباغ أصح ، ثم القول بموجبه بأن الإهاب اسم للجلد قبل الدباغ لا بعده ، حمله على ذلك ابن عبد البر والبيهقي وغيرهما انتهى [ ص: 146 ] .

                                                                      وقال الحافظ في الفتح بعدما تكلم على بعض الأجوبة وأقوى ما تمسك به من لم يأخذ بظاهر الحديث معارضة الأحاديث الصحيحة له وأنها عن سماع وهذا عن كتابة وأنها أصح مخارج وأقوى من ذلك الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الحل قبل الدباغ وأنه بعد الدباغ لا يسمى إهابا إنما يسمى قربة وغير ذلك ، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل انتهى .

                                                                      وقد وقع في نسخة بعد تمام الحديث . قال أبو داود وإليه ذهب أحمد أي ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى ما يدل عليه حديث عبد الله بن عكيم من أنه لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب ، ولكن ترك الحديث للاضطراب في الإسناد كما قال الترمذي ويجيء قول الترمذي في عبارة المنذري ( إنما يسمى شنا ) : بفتح الشين المعجمة بعدها نون أي قربة خلقة .

                                                                      قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                                      وقال الترمذي هذا حديث حسن ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ له هذا الحديث .

                                                                      وقال الترمذي أيضا وسمعت أحمد بن الحسن يقول كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهر وكان يقول كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده .

                                                                      وقال أبو بكر بن حازم الحافظ وقد حكى الخلال في كتابه أن أحمد توقف في حديث ابن عكيم لما رأى تزلزل الرواة فيه ، وقال بعضهم رجع عنه . وقال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي في الناسخ والمنسوخ تصنيفه وحديث ابن عكيم مضطرب جدا فلا يقاوم الأول لأنه في الصحيحين يعني حديث ميمونة وقال عبد الرحمن النسائي في كتاب السنن : أصح ما في هذا الباب - في جلود الميتة إذا دبغت - حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة والله أعلم . انتهى كلام المنذري [ ص: 147 ]




                                                                      الخدمات العلمية