الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم

                                          [6793] ذكر عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم فنهى المحرم عن قتله في هذه الآية

                                          [6794] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا زكريا بن يحيى الواسطي زحمويه ، ثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم قال: حرم صيده وأكله

                                          قوله تعالى: ومن قتله منكم متعمدا

                                          [6795] حدثنا عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الحكم ، أن عمر ، كتب أن يحكم ، عليه في الخطاء والعمد [ ص: 1205 ]

                                          [6796] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله: لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا قال: إن قتله متعمدا أو ناسيا أو خطأ حكم عليه ، فإن كان متعمدا عجلت له العقوبة إلا أن يعفو الله عنه وروي عن مجاهد ، والنخعي ، والحسن ، وعطاء نحو بعض هذا الكلام

                                          الوجه الثاني: وهو إزالة الكفارة عن قاتل الصيد ناسيا

                                          [6797] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن علية ، عن أيوب ، قال: نبئت عن طاوس ، قال: لا يحكم على من أصاب صيدا خطأ إنما يحكم على من أصابه متعمدا

                                          [6798] حدثنا عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، قال: إنما جعلت الكفارة في العمد ، ولكن غلظ عليهم في الخطأ كي يتقوا

                                          قوله تعالى: فجزاء مثل ما قتل من النعم

                                          [6799] حدثنا أبي ، ثنا يحيى بن المغيرة ، ثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، في قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم قال: إذا أصاب المحرم الصيد حكم عليه جزاؤه من النعم

                                          [6800] أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قراءة عليه ، ثنا محمد بن شعيب بن شابور ، أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم قال: ما كان له مثل يشبهه فهو جزاؤه قضاؤه

                                          قوله تعالى: من النعم

                                          [6801] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم قال: إذا قتل المحرم شيئا من الصيد حكم عليه فيه ، وإن قتل ظبيا أو نحوه فعليه شاة تذبح بمكة

                                          [6802] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم فما كان من صيد البر مما ليس له قرن كالحمار والنعامة فجزاؤه من البدن ، وما كان من صيد البر من ذوات القرون فجزاؤه من البقر ، وما كان من الظبي ففيه من الغنم ، والأرنب فيه ثنية من الغنم ، واليربوع فيه برق وهو الحمل ، وما كان من حمامة أو نحوها من الطير فيهما شاة ، وما كان من جرادة أو نحوها ففيهما قبضة من طعام

                                          قوله تعالى: يحكم به ذوا عدل منكم [ ص: 1206 ]

                                          [6803] حدثنا محمد بن يحيى ، وجدت ، في كتاب جدي يحيى بن ضريس في أصله العتيق ، ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قوله: يحكم به ذوا عدل قال: يحكم عليه في الخطأ والعمد والنسيان

                                          [6804] حدثنا عمرو الأودي ، ثنا وكيع ، عن المسعودي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة بن جابر الأسدي ، قال: خرجنا حجاجا فكنا إذا صلينا الفجر أقمنا رواحلنا نتماشا نتحدث ، فبينما نحن ذات غداة نمشي إذ سنح لنا ظبي أو برح - قال وكيع: السنوح الذي يعترض ، والبارح أمامك - قال: فرماه رجل كان معنا وهو محرم بحجر فما أخطأ حشاه فركب ردعه ميتا ، قال: فغضبنا عليه ، فلما قدمت مكة خرجت معه حتى أتينا عمر فقص عليه القصة ، قال: وإذا إلى جنبه رجل جالس كأن وجهه قلب فضة ، يعني: عبد الرحمن بن عوف - فالتفت إلى صاحبه فكلمه ثم أقبل على صاحبنا فقال: أعمدا قتلته أم خطأ؟ قال الرجل: لقد تعمدت رميه وما أردت قتله ، قال عمر : ما أراك إلا قد أشركت بين العمد والخطأ ، اعمد إلى شاة فاذبحها وتصدق بلحمها ، أسق إهابها يعني: ادفعه إلى مسكين يجعله سقاء ، قال: فقمنا من عنده ، فقلت لصاحبي: أيها الرجل: أعظم شعائر الله والله ما درى أمير المؤمنين ما يفتيك حتى شاور صاحبه ، قال قبيصة : اعمد إلى ناقتك فانحرها ، ففعل ذلك ، قال قبيصة : وما أذكر الآية في سورة المائدة يحكم به ذوا عدل منكم قال: فبلغ عمر مقالتي فلم يفجأنا به إلا ومعه الدرة قال: فعلا صاحبي ضربا بها وهو يقول: أقتلت في الحرم وسفهت الحكم ، ثم أقبل علي ليضربني ، فقلت: يا أمير المؤمنين لا أحل لك ما حرم عليك ، قال: يا قبيصة بن جابر إني أراك شاب السن فسيح الصدر بين اللسان ، وإن الشاب يكون فيه تسعة أخلاق حسنة وخلق سيئ ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الحسنة ، وإياك وعثرات الشباب

                                          [6805] حدثنا أبو إبراهيم الفضل بن دكين ، ثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، أن أعرابيا ، أتى أبا بكر قال: قتلت صيدا وأنا محرم ، فما ترى علي من الجزاء؟ [ ص: 1207 ] فقال أبو بكر لأبي بن كعب وهو جالس عنده: ما ترى فيها؟ قال: قال الأعرابي: أتيتك وأنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسألك فإذا أنت تسأل غيرك ، قال أبو بكر : وما تذكر قول الله فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم فشاورت صاحبي حتى إذا اتفقنا على أمر أمرناك به

                                          [6806] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم أبو وهب ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: يحكم به ذوا عدل منكم يحكم به رجلان ذوا عدل في من قتل الصيد وروي عن أبي الزناد نحو ذلك

                                          قوله تعالى: هديا

                                          [6807] حدثنا أبي ، ثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي الأموي ، ثنا سعيد بن يحيى ، ثنا محمد بن إسحاق ، عن أبي جعفر محمد بن علي أن رجلا ، سأل عليا عن الهدي ، مما هو؟ فقال: من الثمانية الأزواج ، فكأن الرجل شك ، قال علي تقرأ القرآن؟ قال: نعم ، قال فسمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام ؟ قال: وسمعته يقول: ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ومن الأنعام حمولة وفرشا ؟ قال: فسمعته يقول: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ؟ قال: فسمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم إلى قوله: هديا بالغ الكعبة ؟ فقال الرجل: نعم ، فقال علي: إن قتلت ظبيا فما علي؟ قال: شاة ، قال علي: هديا بالغ الكعبة فقال الرجل: نعم ، فقال علي: قد سماه الله هديا بالغ الكعبة كما تسمع

                                          [6808] حدثنا أبي ، ثنا مقاتل بن محمد ، ثنا وكيع ، عن حنظلة ، عن القاسم بن محمد ، عن ابن عمر ، قال: إنما الهدي ذوات الجود

                                          [6809] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: هديا بالغ الكعبة يعني: بالهدي البدن [ ص: 1208 ]

                                          قوله تعالى: بالغ الكعبة

                                          [6810] وبه عن مقاتل ، قوله: بالغ الكعبة قال: محلها مكة

                                          قوله تعالى: أو كفارة طعام مساكين

                                          [6811] حدثنا أبي ، ثنا يحيى بن المغيرة ، ثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم، عن مقسم ، عن ابن عباس ، في قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما قال: إذا أصاب المحرم صيدا حكم عليه نصف صاع يوما ، قال: أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما قال: إنما أريد بالطعام والصيام أنه إذا وجد الطعام وجد جزاءه

                                          [6812] حدثنا أبي ، ثنا صفوان بن صالح ، ثنا شعيب بن زريق ، أنه سمع عطاء الخراساني ، كتب: أن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وزيد بن ثابت ، ومعاوية ، قضوا فيما كان من هدي يقتل المحرم من صيد فيه جزاء نظر إلى قيمة ذلك فأطعم به المساكين

                                          [6813] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: أو كفارة طعام مساكين فإنه يشتري بثمنها طعاما ويطعم كل مسكين مدين

                                          قوله تعالى: أو عدل ذلك صياما

                                          [6814] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما فإذا قتل المحرم شيئا من الصيد حكم عليه فيه ، فإن قتل ظبيا أو نحوه فعليه شاة تذبح بمكة ، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، فإن قتل إبلا أو نحوه فعليه بقرة ، فإن لم يجد فإطعام عشرين مسكينا ، فإن لم يجد صام عشرين يوما ، وإن قتل نعامة أو حمارا وحشيا أو نحوه فعليه بدنة من الإبل ، فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا ، فإن لم يجد صام ثلاثين يوما

                                          [6815] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: أو عدل ذلك صياما فإنه يصوم مكان كل مدين يوما [ ص: 1209 ]

                                          قوله تعالى: ليذوق وبال أمره

                                          [6816] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي ، ثنا أحمد بن مفضل ، عن أسباط ، عن السدي ، قوله: ليذوق وبال أمره قال أما وبال أمره: فعقوبة أمره

                                          قوله تعالى: عفا الله عما سلف

                                          [6817] حدثنا العباس بن يزيد العبدي ، ثنا أبو بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان ، حدثني الجريري ، عن العلاء ، حدثني نعيم بن قعنب ، عن أبي ذر : عفا الله عما سلف قال: عما كان في الجاهلية وروى ابن عطاء مثل ذلك

                                          قوله تعالى: ومن عاد

                                          [6818] حدثنا العباس بن يزيد البحراني ، ثنا أبو بحر البكراوي ، حدثني الجريري ، عن أبي العلاء ، حدثني نعيم بن قعنب ، عن أبي ذر ، قوله: ومن عاد فينتقم الله منه قال: في الإسلام

                                          [6819] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا هشام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في الذي يصيب الصيد وهو محرم قال: يحكم عليه مرة واحدة ، فإن عاد لم يحكم عليه ، ثم تلا ومن عاد فينتقم الله منه

                                          [6820] حدثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ومن عاد قال: فإن عاد متعمدا

                                          والوجه الثاني

                                          [6821] حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا هشام ، قال: قال الحسن : يحكم عليه كلما أصاب يعني قوله: ومن عاد فينتقم الله منه وروي عن عطاء ، وسعيد بن جبير نحو ذلك

                                          قوله تعالى: فينتقم الله منه

                                          [6822] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ومن عاد فينتقم الله منه قال: عاد متعمدا عجلت له العقوبة إلا أن يعفو الله [ ص: 1210 ]

                                          [6823] أخبرنا العباس بن يزيد العبدي ، ثنا المعتمر بن سليمان ، عن زيد أبي المعلا ، عن الحسين ، أن رجلا أصاب صيدا فتجوز عنه ثم عاد فأصاب صيدا آخر فنزلت نار من السماء فأحرقته ، فهو قوله: ومن عاد فينتقم الله منه

                                          قوله تعالى: والله عزيز

                                          [6824] حدثنا عصام بن رواد العسقلاني ، ثنا آدم ، ثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، والله عزيز يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم

                                          [6825] حدثنا أبي الحسن بن الربيع ، ثنا ابن إدريس ، ثنا محمد بن إسحاق ، والله عزيز ذو انتقام قال: عزيز ذو بطش

                                          قوله تعالى: ذو انتقام

                                          [6826] وبه عن ابن إسحاق ، والله عزيز ذو انتقام قال: ذو انتقام ممن آذاه

                                          [6827] حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا أبو غسان ، ثنا سلمة ، قال: قال محمد بن إسحاق والله عزيز ذو انتقام أي إن الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاءه منه فيها

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية