الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( واللبن لمن نسب إليه ولد نزل به ) أي بسببه ( بنكاح ) فيه دخول أو استدخال ماء محترم أو بملك يمين فيه ذلك أيضا كما أفاده ما قدمه في المستولدة ( أو وطء شبهة ) لثبوت النسب بذلك والرضاع تلوه ( لا زنا ) لأنه لا حرمة له ، نعم يكره له نكاح من ارتضعت من لبنه .

                                                                                                                            أما حيث لا دخول بأن لحقه ولد بمجرد الإمكان فلا تثبت الحرمة بين الرضيع وأبي الولد على ما قاله ابن القاص ، وادعى البلقيني أنه قضية كلام الأصحاب ، لكن قال غيره : إن ظاهر كلام الجمهور يخالفه ، وهذا هو الأصح ، وخرج بقوله نزل به ما نزل قبل حملها منه ولو بعد وطئها فلا ينسب إليه ولا تثبت أبوته كما قاله جمع متقدمون ( ولو ) ( نفاه ) أي الزوج الولد النازل به اللبن ( بلعان ) ( انتفى اللبن عنه ) لما تقرر أنه تابع للنسب ومن ثم لو استلحقه بعد لحقه الرضيع ( ولو ) ( وطئت منكوحة بشبهة أو وطئ اثنان ) امرأة ( بشبهة فولدت ) بعد وطئها ولدا ( فاللبن ) النازل به ( لمن لحقه الولد ) منهما ( بقائف ) لإمكانه منهما ( أو غيره ) كانحصار الإمكان فيه وكانتساب الولد أو فروعه بعد موته إليه بعد كماله لفقد القائف أو غيره ، ويجب ذلك ويجبر عليه حفظا للنسب من الضياع ، ولو انتسب بعض فروعه لواحد وبعضهم لآخر دام الإشكال في هذه الحالة ( ولا تنقطع نسبة اللبن ) لزوج نزل بسبب علوق زوجته منه ( عن زوج مات [ ص: 179 ] أو طلق وإن طالت المدة ) فكل من ارتضع من لبنها قبل ولادتها صار ابنا له ( أو انقطع ) اللبن ( وعاد ) ولو بعد عشر سنين لعدم حدوث ما يقطع نسبته عن الأول لأن الكلام مفروض فيمن لم تنكح غيره ولا وطئت بملك أو شبهة ( فإن نكحت آخر ) أو وطئت بطريق مما مر ( وولدت منه فاللبن بعد ) تمام ( الولادة ) بأن تم انفصال الولد ( له ) أي للثاني ( وقبلها ) أو معها ( للأول إن لم يدخل وقت ظهور لبن حمل الثاني ، وكذا إن دخل ) وقته وزاد بسبب الحمل لأنه ليس غذاء للحمل فلم يصلح قاطعا له عن ولد الأول ، ويقال أقل مدة يحدث فيها للحامل أربعون يوما ( وفي قول ) هو فيما بعد دخول وقت ذلك ( للثاني ) إن انقطع مدة طويلة ثم عاد إلحاقا للحمل بالولادة ( وفي قول ) هو ( لهما ) لتعارض ترجيحهما .

                                                                                                                            أما ما حدث بولد الزنا فالأوجه كما دل عليه كلامهما انقطاع نسبة اللبن للأول به وإحالته على ولد الزنا ، وضعف الزركشي القول بعدم الانقطاع مستدلا بأنها إذا أرضعت بلبن الزنا طفلا صار أخا لولد الزنا ، وهو ظاهر وإن زعم بعضهم أن لا دليل له في ذلك لأن أخوة الأم ثبتت لولد الزنا لثبوت نسبه من الأم فكذا الرضاع ، وإذا استحال ثبوت قرابة الأب له تعين بقاء نسبة اللبن إلى الأول إذ لم يحدث ما يوجب قطعه عنه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والرضاع تلوه ) أي تابع له ( قوله وهذا هو الأصح ) أي فيثبت التحريم بينهما .

                                                                                                                            وينبغي أن محله في الظاهر أما باطنا فحيث علم أنه لم يطأها ولا استدخلت منيه فلا وجه للتحريم ( قوله : ما نزل قبل حملها ) مفهومه أنه بعد الحمل ينسب له ولو لم تلد .

                                                                                                                            ويشكل عليه ما يأتي في كلام المصنف من أنها لو نكحت بعد زوج ولادتها منه لا ينسب اللبن للثاني إلا إذا ولدت منه وأنه قبل الولادة للأول .

                                                                                                                            وقد يجاب بأنه فيما يأتي لما نسب اللبن للأول قوي جانبه فنسب إليه حتى يوجد قاطع قوي وهو الولادة وهنا لما لم تتقدم نسبة اللبن إلى أحد اكتفى بمجرد الإمكان فنسب لصاحب الحمل ، ثم رأيت في سم على حج التصريح بالمفهوم المذكور وأطال في ذلك ولم يجب فليراجع ا هـ .

                                                                                                                            ثم رأيت في الخطيب أيضا ما نصه : تنبيه : قضية كلام المصنف أنه لو ثار للمرأة لبن قبل أن يصيبها الزوج أو بعد الإصابة ولم تحبل ; ثبوت حرمة الرضاع في حقها دون الزوج ، وبه جزم القاضي حسين فيما قبل الإصابة وقال فيما بعد الإصابة وقبل الحمل المذهب ثبوتها في حقها دونه ا هـ .

                                                                                                                            ومثله في شرح الروض ومفهوم ما فيهما أنه يحرم بعد الحمل ( قوله : بعد وطئها ) أي منهما ( قوله : ويجب ذلك ) أي الانتساب ( قوله ويجبر عليه ) أي حيث مال طبعه لأحدهما بالجبلة وكان قد عرفهما قبل البلوغ وعند استقامة طبع على ما ذكر في باب اللقيط وإلا فلا يجبر على الانتساب ، وليس له ذلك بمجرد التشهي ( قوله : دام الإشكال في هذه الحالة ) أي فإن [ ص: 179 ] ماتوا ولم يكن لهم ولد انتسب الرضيع إن شاء وقبل ذلك لا يحل له بيت أحدهما ونحوها ا هـ حج ( قوله : بطريق مما مر ) أي كالشبهة ( قوله : وولدت ) هل يشمل العلقة والمضغة أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ، وقد يؤخذ ذلك من قول الشارح بأن تم انفصال الولد لأن كلا من العلقة والمضغة لا يسمى ولدا فليراجع ، ويفرق بين ما هنا وما في العدد من الاكتفاء بوضع المضغة بأن المدار ثم على براءة الرحم وهو يتحقق بوضعها فاكتفى به بخلافه هنا ( قوله : للحامل ) أي بسبب الحمل ( قوله : فالأوجه كما دل عليه إلخ ) معتمد ( قوله : وإحالته على ولد الزنا ) وتستمر الإحالة المذكورة إلى حدوث ولد من غير زنا ، وكما انقطعت نسبته عن الأول لا تثبت للزاني لعدم احترام مائه ، فلو رضع منه طفل ثبتت له الأمومة دون الأبوة ( قوله وهو ظاهر ) أي التضعيف ومع ذلك المعتمد الأول .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 178 ] قوله : ما نزل قبل حملها ) انظر مفهومه ، وفي الروض : وإن نزل لبكر لبن وتزوجت وحبلت فاللبن لها لا للثاني : يعني : الزوج ما لم تلد . ا هـ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية