الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 399 ] باب القنوت في المكتوبة عند النوازل وتركه في غيرها

                                                                                                                                            862 - ( عن أبي مالك الأشجعي قال : { قلت لأبي : يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أكانوا يقنتون ؟ قال : أي بني محدث } رواه أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه .

                                                                                                                                            وفي رواية : أكانوا يقنتون في الفجر ؟ . والنسائي ولفظه قال : { صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت } ، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت ، وصليت خلف عمر فلم يقنت ، وصليت خلف عثمان فلم يقنت ، وصليت خلف علي عليه السلام فلم يقنت ، ثم قال : يا بني بدعة )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . الحديث قال الحافظ في التلخيص : إسناده حسن .

                                                                                                                                            وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي أنه قال : القنوت في صلاة الصبح بدعة . قال البيهقي : لا يصح .

                                                                                                                                            وعن ابن عمر عند الطبراني قال في قيامهم عند فراغ القارئ من السورة يعني قيام القنوت : إنها لبدعة ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إسناده بشر بن حرب الداري وهو ضعيف

                                                                                                                                            وعن ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط والبيهقي والحاكم في كتاب القنوت بلفظ { ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من صلاته } زاد الطبراني { إلا في الوتر وأنه كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلهن يدعو على المشركين } ، ولا قنت أبو بكر ولا عمر حتى ماتوا ولا قنت علي حتى حارب أهل الشام وكان يقنت في الصلوات كلهن ، وكان معاوية يدعو عليه أيضا قال البيهقي : كذا رواه محمد بن جابر السحيمي وهو متروك .

                                                                                                                                            وعن أم سلمة عند ابن ماجه قالت : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في الفجر } . ورواه الدارقطني وفي إسناده ضعف والحديث يدل على مشروعية القنوت وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم كما حكاه الترمذي في كتابه

                                                                                                                                            وحكاه العراقي عن أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس وقال : قد صح عنهم القنوت وإذا تعارض الإثبات والنفي قدم المثبت وحكاه عن أربعة من التابعين وعن أبي حنيفة وابن المبارك وأحمد وإسحاق . وحكاه المهدي في البحر عن العبادلة وأبي الدرداء وابن مسعود

                                                                                                                                            وقد اختلف النافون لمشروعيته هل يشرع عند النوازل أم لا ؟ وذهب جماعة إلى أنه مشروع في صلاة الفجر وقد حكاه الحازمي عن أكثر الناس من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار ثم عد من الصحابة [ ص: 400 ] الخلفاء الأربعة إلى تمام تسعة عشر من الصحابة ومن المخضرمين أبو رجاء العطاردي وسويد بن غفلة وأبو عثمان النهدي وأبو رافع الصائغ ومن التابعين اثنا عشر ، ومن الأئمة والفقهاء أبو إسحاق الفزاري وأبو بكر بن محمد والحكم بن عتيبة وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه

                                                                                                                                            وعن الثوري روايتان ، ثم قال : وغير هؤلاء خلق كثير . وزاد العراقي عبد الرحمن بن مهدي وسعيد بن عبد العزيز التنوخي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وداود ومحمد بن جرير ، وحكاه عن جماعة من أهل الحديث منهم أبو حاتم الرازي وأبو زرعة الرازي وأبو عبد الله الحاكم والدارقطني والبيهقي والخطابي وأبو مسعود الدمشقي ، وحكاه الخطابي في المعالم عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه . وحكى الترمذي عنهما خلاف ذلك

                                                                                                                                            قال النووي في شرح المهذب : القنوت في الصبح مذهبنا وبه قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم وحكاه المهدي في البحر عن الهادي والقاسم وزيد بن علي والناصر والمؤيد بالله وقال الثوري وابن حزم : كل من الفعل والترك حسن

                                                                                                                                            واعلم أنه قد وقع الاتفاق على ترك القنوت في أربع صلوات من غير سبب وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يبق الخلاف إلا في صلاة الصبح من المكتوبات وفي صلاة الوتر من غيرها . أما القنوت في الوتر فسيأتي الكلام عليه في أبواب الوتر وأما القنوت في صلاة الصبح فاحتج المثبتون له بحجج منها حديث البراء وأنس الآتيان . ويجاب أنه لا نزاع في وقوع القنوت منه صلى الله عليه وسلم إنما النزاع في استمرار مشروعيته ، فإن قالوا : لفظ كان يفعل يدل على استمرار المشروعية

                                                                                                                                            قلنا قد قدمنا عن النووي ما حكاه عن جمهور المحققين أنها لا تدل على ذلك . سلمنا فغايته مجرد الاستمرار وهو لا ينافي الترك آخرا كما صرحت بذلك الأدلة الآتية على أن هذين الحديثين فيهما أنه كان يفعل ذلك في الفجر والمغرب ، فما هو جوابكم ؟ عن المغرب فهو جوابنا عن الفجر . وأيضا في حديث أبي هريرة المتفق عليه { أنه كان يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح } ، فما هو جوابكم عن مدلول لفظ كان ههنا فهو جوابنا

                                                                                                                                            قالوا : أخرج الدارقطني وعبد الرزاق وأبو نعيم وأحمد والبيهقي والحاكم وصححه عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه ببئر معونة ثم ترك فأما الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا } وأول الحديث في الصحيحين ولو صح هذا لكان قاطعا للنزاع ولكنه من طريق أبي جعفر الرازي قال فيه عبد الله بن أحمد : ليس بالقوي . وقال علي بن المديني : إنه يخلط . وقال أبو زرعة : يهم كثيرا . وقال عمرو بن علي الفلاس : صدوق سيئ الحفظ وقال ابن معين : ثقة ولكنه يخطئ . وقال الدوري : ثقة ولكنه يغلط وحكى الساجي أنه قال : صدوق ليس بالمتقن [ ص: 401 ] وقد وثقه غير واحد . ولحديثه هذا شاهد ولكن في إسناده عمرو بن عبيد وليس بحجة

                                                                                                                                            قال الحافظ : ويعكر على هذا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان قلنا لأنس إن قوما ما يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الفجر فقال : كذبوا إنما قنت شهرا واحدا يدعو على حي من أحياء المشركين ، وقيس وإن كان ضعيفا لكنه لم يتهم بالكذب .

                                                                                                                                            وروى ابن خزيمة في صحيحه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم } فاختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت ، فلا يقوم لمثل هذا حجة انتهى

                                                                                                                                            إذا تقرر لك هذا علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال : إن القنوت مختص بالنوازل وإنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به صلاة دون صلاة . وقد ورد ما دل على هذا الاختصاص من حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحه وقد تقدم ، من حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ { : كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد } وأصله في البخاري كما سيأتي ، وستعرف الأدلة الدالة على ترك مطلق القنوت ومقيده وقد حاول جماعة من حذاق الشافعية الجمع بين الأحاديث بما لا طائل تحته وأطالوا الاستدلال على مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير طائل

                                                                                                                                            وحاصله ما عرفناك ، وقد طول المبحث الحافظ ابن القيم في الهدي وقال ما معناه : الإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى الله عليه وسلم قنت وترك وكان تركه للقنوت أكثر من فعله فإنه إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم وللدعاء على آخرين ثم تركه لما قدم من دعا لهم وخلصوا من الأسر وأسلم من دعا عليهم وجاءوا تائبين وكان قنوته لعارض فلما زال ترك القنوت وقال في غضون ذلك المبحث : إن أحاديث أنس كلها صحاح يصدق بعضها بعضا ولا تتناقض وحمل قول أنس ما زال يقنت حتى فارق الدنيا إلى إطالة القيام بعد الركوع وقد أسلفنا الأدلة على مشروعية ذلك في باب الجلسة بين السجدتين

                                                                                                                                            وأجاب عن تخصيصه بالفجر بأنه وقع بحسب سؤال السائل فإنه إنما سأل أنسا عن قنوت الفجر فأجابه عما سأله عنه وبأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل صلاة الفجر دون سائر الصلوات قال : ومعلوم أنه كان يدعو ربه ويثني عليه ويمجده في هذا الاعتدال ، وهذا قنوت منه بلا ريب فنحن لا نشك ولا نرتاب أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ، ولما صار القنوت في لسان الفقهاء وأكثر الناس هو هذا الدعاء المعروف : " اللهم اهدني فيمن هديت . . . إلخ " وسمعوا أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة حملوا القنوت في لفظ الصحابة على القنوت في اصطلاحهم ونشأ من لا يعرف غير ذلك فلم يشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا مداومين على هذا كل غداة وهذا هو الذي نازعهم فيه جمهور العلماء وقالوا : لم يكن هذا من فعله الراتب بل ولا يثبت [ ص: 402 ] عنه أنه فعله

                                                                                                                                            وغاية ما روي عنه في هذا القنوت أنه علمه الحسن بن علي إلى آخر كلامه وهو على فرض صلاحية حديث أنس للاحتجاج وعدم اختلافه واضطرابه محمل حسن . واعلم أنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب القنوت مطلقا كما صرح بهذا صاحب البحر وغيره .

                                                                                                                                            863 - ( وعن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا ثم تركه } . رواه أحمد ، وفي لفظ { قنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه } . رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه ، وفي لفظ { قنت شهرا حين قتل القراء فما رأيته حزن حزنا قط أشد منه } رواه البخاري ) . قوله : ( على أحياء من أحياء العرب ) هم بنو سليم قتلة القراء كما سيأتي في حديث ابن عباس . قوله : ( حين قتل القراء ) هم أهل بئر معونة وقصتهم مشهورة .

                                                                                                                                            والحديث يدل على عدم مشروعية القنوت في جميع الصلوات . وقد جمع بينه وبين حديث أنس الدال على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا بأن المراد : ترك الدعاء على الكفار لا أصل القنوت وروى البيهقي مثل هذا الجمع عن عبد الرحمن بن مهدي بسند صحيح . والقنوت له معان تقدم ذكرها في باب نسخ الكلام والمراد في هذا الباب الدعاء .

                                                                                                                                            فائدة : في البخاري من طريق عاصم الأحول عن أنس أن القنوت قبل الركوع . قال البيهقي : رواة القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ وعليه درج الخلفاء الراشدون .

                                                                                                                                            وروى الحاكم أبو أحمد في الكنى عن الحسن البصري قال : صليت خلف ثمانية وعشرين بدريا كلهم يقنت في الصبح بعد الركوع قال الحافظ : وإسناده ضعيف قال الأثرم : قلت لأحمد : هل يقول أحد في حديث أنس إنه قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول قال : لا يقوله غيره خالفوه كلهم ، هشام عن قتادة والتيمي عن أبي مجلز وأيوب عن ابن سيرين وغير واحد عن حنظلة كلهم عن أنس .

                                                                                                                                            وكذا روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء وغير واحد وروى ابن ماجه من طريق سهل بن يوسف عن حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت في صلاة الصبح قبل الركوع أم بعده ؟ فقال : كلاهما قد كنا نفعل قبل وبعد . وصححه أبو موسى المديني كذا قال الحافظ .

                                                                                                                                            864 - ( وعن أنس قال : كان القنوت في المغرب والفجر . رواه البخاري ) [ ص: 403 ]

                                                                                                                                            865 - ( وعن البراء بن عازب { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة المغرب والفجر } رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه ) . وله : ( كان القنوت ) أي في أول الأمر . قوله : ( في المغرب والفجر ) تمسك بهذا الطحاوي في ترك القنوت في الفجر ، قال : لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب فيكون في الصبح كذلك وقد عارضه بعضهم فقال :

                                                                                                                                            أجمعوا على أنه صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح ثم اختلفوا هل ترك أم لا ؟ فيتمسك بما أجمعوا عليه حتى يثبت ما اختلفوا فيه ، وقد قدمنا ما هو الحق في ذلك .

                                                                                                                                            866 - ( وعن ابن عمر أنه سمع { رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول : اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد } ، فأنزل الله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء } إلى قوله : { فإنهم ظالمون } . رواه أحمد والبخاري ) . الحديث أخرجه أيضا النسائي

                                                                                                                                            قوله : ( إذا رفع رأسه من الركوع ) هكذا وردت أكثر الروايات كما تقدم قريبا . قوله : ( فلانا وفلانا ) زاد النسائي " يدعو على أناس من المنافقين " . وبهذه الزيادة يعلم أن هؤلاء الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قتلة القراء .

                                                                                                                                            وفي رواية للبخاري من حديث أنس قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت }

                                                                                                                                            وفي رواية للترمذي قال { : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد : اللهم العن أبا سفيان اللهم العن الحارث بن هشام اللهم العن صفوان بن أمية } فنزلت " وفي أخرى للترمذي قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة نفر } فأنزل الله تعالى الآية . والحديث يدل على نسخ القنوت بلعن المستحقين ، وأن الذي يشرع عند نزول النوازل إنما هو الدعاء لجيش المحقين بالنصرة وعلى جيش المبطلين بالخذلان والدعاء برفع المصائب ولكنه يشكل على ذلك ما سيأتي في حديث أبي هريرة من نزول الآية عقب دعائه للمستضعفين وعلى كفار مضر مع أن ذلك مما يجوز فعله في القنوت عند النوازل

                                                                                                                                            867 - ( وعن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد ، أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع ، فربما قال : إذا قال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك [ ص: 404 ] الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين . اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف قال : يجهر بذلك . ويقول في بعض صلاته في صلاة الفجر . اللهم : العن فلانا وفلانا حيين من أحياء العرب ، حتى أنزل الله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء } الآية } رواه أحمد والبخاري ) .

                                                                                                                                            868 - ( وعن أبي هريرة قال : { بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قال قبل أن يسجد : اللهم نج الوليد بن الوليد . اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر . اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف } رواه البخاري ) .

                                                                                                                                            869 - ( وعنه أيضا قال : لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة ، وصلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ، ويلعن الكفار . متفق عليه ، وفي رواية لأحمد : وصلاة العصر مكان صلاة العشاء الآخرة )

                                                                                                                                            قوله : ( اللهم أنج الوليد ) فيه جواز الدعاء في القنوت لضعفة المسلمين بتخليصهم من الأسر ، ويقاس عليه جواز الدعاء لهم بالنجاة من كل ورطة يقعون فيها من غير فرق بين المستضعفين وغيرهم . قوله : ( اشدد وطأتك ) الوطأة : الضغطة أو الأخذة الشديدة كما في القاموس . قوله : ( كسني يوسف ) هي السنين المذكورة في القرآن .

                                                                                                                                            وفيه جواز الدعاء على الكفار بالجدب والبلاء

                                                                                                                                            قوله : ( قال : يجهر بذلك ) فيه مشروعية الجهر بالقنوت . قوله ( في صلاة الفجر ) بيان لقوله في بعض صلاته . قوله : ( لأقربن ) في رواية الإسماعيلي " إني لأقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم " . قوله : ( وكان أبو هريرة . . . إلخ ) قيل : المرفوع من هذا الحديث وجود القنوت لا وقوعه في الصلاة المذكورة فإنه موقوف على أبي هريرة ويوضحه ما ذكره البخاري في سورة النساء من تخصيص المرفوع بصلاة العشاء ، ولأبي داود { قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة شهرا } أو نحوه لمسلم ، ولكن هذا لا ينفي كونه صلى الله عليه وسلم قنت في غير العشاء . وظاهر سياق الحديث أن جميعه مرفوع . قوله ( في الركعة الآخرة ) قد تقدم بيان الاختلاف في كونه قبل الركوع أو بعده . قوله [ ص: 405 ] فيدعو للمؤمنين ) هم من كان مأسورا بمكة ، والكفار كفار قريش كما بينه البخاري في تفسير سورة آل عمران

                                                                                                                                            وهذه الأحاديث تدل على مشروعية القنوت عند نزول النوازل ، وقد تقدم الكلام عليه ، وقد اقتصرنا في شرحها على هذا المقدار وإن كانت تحتمل البسط لعدم عود التطويل على ما نحن فيه بفائدة

                                                                                                                                            870 - ( وعن ابن عباس قال { : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة ، إذا قال : سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو عليهم ، على حي من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه } رواه أبو داود وأحمد وزاد : أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم ، قال عكرمة : كان هذا مفتاح القنوت ) . الحديث أخرجه أبو داود من طريق هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس ، وأخرجه أيضا الحاكم وليس في إسناده مطعن إلا هلال بن خباب فإن فيه مقالا وقد وثقه أحمد وابن معين وغيرهما

                                                                                                                                            قوله : ( في دبر كل صلاة ) فيه أن القنوت للنوازل لا يختص ببعض الصلوات فهو يرد على من خصصه بصلاة الفجر عندها . قوله : ( إذا قال سمع الله لمن حمده ) فيه التصريح بأن القنوت بعد الركوع وهو الثابت في أكثر الروايات كما تقدم . قوله : ( من بني سليم ) بضم السين المهملة وفتح اللام : قبيلة معروفة

                                                                                                                                            قوله : ( على رعل ) براء مكسورة وعين مهملة ساكنة : قبيلة من سليم كما في القاموس ، وهو وما بعده بدل من قوله من بني سليم وقوله من بني سليم بدل أيضا من الضمير في قوله عليهم . قوله ( عصية ) تصغير عصا سميت به قبيلة من سليم أيضا . قوله ( وذكوان ) هم قبيلة أيضا من سليم .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية