الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( تبرع رجل ) ليس أصلا ولا سيدا للزوج ( بها ) عنه وسلمها لها ( لم يلزمها القبول ) بل لها الفسخ لما فيه من المنة ومن ثم لو سلمها المتبرع له وهو سلمها لها لزمها القبول لانتفاء المنة ، أما لو كان المتبرع أبا الزوج أو جدا له وهو في ولايته لزمها القبول لدخولها في ملك الزوج تقديرا ، وبحث الأذرعي أن مثله ولد الزوج وسيده ، قال : ولا شك فيه إذا أعسر الأب وتبرع ولده الذي يلزمه إعفافه أو لا يلزمه ذلك أيضا في الأوجه ، وفيما بحثه في الولد الذي لا يلزمه الإعفاف نظر ظاهر .

                                                                                                                            قيل : وكذا في السيد لانتفاء علتهم التي نظروا إليها من ملك الزوج ، فالأولى أن يوجه ما قاله في السيد بأن علقته بقنه أتم من علقة الوالد بولده ( وقدرته على الكسب ) الحلال اللائق ، ومثل الكسب غيره إذا أراد تحمل المشقة بمباشرته فيما يظهر ( كالمال ) [ ص: 214 ] لأن الضرورة تنتفي به ، فلو كان يكتسب في كل يوم ما يفي بثلاثة ثم يبطل ثلاثة ثم يكتسب ما بقي بها فلا فسخ لعدم مشقة الاستدانة حينئذ فصار كالموسر ، ومثله نحو نساج ينسج في الأسبوع ثوبا أجرته تفي بنفقة الأسبوع ومن تجمع له أجرة الأسبوع في يوم منه وهي تفي بنفقة جميعه ، وليس المراد أنا نصبرها أسبوعا بلا نفقة ، وإنما المراد أنه في حكم واجد نفقتها وينفق مما استدانه لإمكان الوفاء ، ويعلم من ذلك أنا مع كوننا نمكنها من مطالبته ونأمره بالاستدانة والإنفاق لا نفسخ عليه لو امتنع لما تقرر أنه في حكم الموسر الممتنع ، ويؤيده قولهم امتناع القادر على الكسب عنه كامتناع الموسر فلا فسخ به ولا أثر لعجزه إن رجي برؤه قبل مضي ثلاثة أيام وخرج بالحلال والحرام فلا لقدرته عليه فلها الفسخ ، وقول الماوردي والروياني الكسب بنحو بيع خمر كالعدم وبنحو صنعة آلة لهو محرمة له أجرة المثل فلا فسخ لزوجته ، وكذا ما يعطاه منجم وكاهن لأنه عن طيب نفس فهو كالهبة مردود ، إذ الوجه أنه لا أجرة لصانع محرم لإطباقهم على أنه لا أجرة لآنية نقد ونحوها ، وما يعطاه نحو المنجم إنما يعطاه أجرة لا هبة فلا وجه لكلامهما ( وإنما تفسخ بعجزه عن نفقة معسر ) إذ الضرر إنما يتحقق حينئذ ، ولا يشكل عليه قولهم لو حلف لا يتغذى أو لا يتعشى حنث بأكله زيادة على نصف عادته ، لأن المدار ثم على العرف وهو يصدق عليه حينئذ أنه تغدى أو تعشى ، وها هنا على ما تقوم به البنية وهي لا تقوم بدون مد ، ولو لم يجد إلا نصف مد غداء ونصفه عشاء فلا فسخ

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : المتبرع له ) أي لأجله وهو الزوج ( قوله : إن مثله ) أي مثل أبي الزوج ( قوله : نظر ظاهر ) أي فلا يجب عليها القبول ولها الفسخ كما لو تبرع عن الزوج أصله الذي ليس هو في ولايته لأنه لا يتمكن من إدخال المال في ملكه ( قوله ومثل الكسب ) أي اللائق ، وقوله غيره ومنه السؤال للغير حيث كان لائقا به [ ص: 214 ] قوله ومن تجمع له أجرة الأسبوع ) يؤخذ منه أن الأسبوع هو الغاية في الإمهال ، فمن له غلات تستحق آخر كل شهر لا تمهل إلى حصولها حيث كانت المدة تزيد على أسبوع وإن زادت على النفقة أضعافا لأنه مقصر بترك الاقتراض كما لو غاب ماله ، بل كان القياس أنها لا تمهل إلى ما زاد على ثلاثة أيام التي هي مدة إمهال الشرع ، لكن مقتضى قوله ويعلم من ذلك أن مع كوننا نمكنها من مطالبته إلخ خلافه لأنا حيث ألحقتاه بالموسر امتنع عليها الفسخ وإن طالت المدة التي يعتاد حصول غلته فيها ، وقد ينظر فيه بإمكان الفرق بين هذا وبين الموسر ، فإن الموسر يمكن استخلاص نفقتها منه بالحبس ونحوه ، وهذا قد يتعذر عليها الوصول إلى حقها فتتضرر فهو بمن غاب ماله أشبه ، وقد تقدم فيه أنه إذا لم يستدن كان لها الفسخ لتضررها بالصبر فليتأمل ( قوله لو امتنع ) أي من الاقتراض ( قوله : فلا فسخ به ) أي وعليه فيجبره الحاكم على الاكتساب فإن لم يفد الإجبار فيه فينبغي أن تفسخ صبيحة الرابع لتضررها بالصبر ( قوله : ولا أثر لعجزه ) أي بمرض ( قوله : وخرج بالحلال ) اقتصر على هذا ولم يذكر ما يخرج باللائق ، وفي حج بعد قوله السابق اللائق ، وكذا غيره إذا أراد تحمل المشقة بمباشرته فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                            وقد يوافقه قول الشارح ومثل الكسب غيره بأن يراد بالكسب في كلامه الكسب السابق وهو الحلال اللائق ، لكنه لما أخرج بالحلال الحرام دل على أن مراده غير الكسب اللائق ( قوله : وما يعطاه نحو المنجم ) ومن نحو المنجم ما يعطاه الطبيب الذي لا يشخص المرض ولا يحسن الطب ولكن يطالع كتب الطب ويأخذ منها ما يصفه للمريض فإن ما يأخذه لا يستحقه ويحرم عليه التصرف فيه لأن ما يعطاه أجرة على ظن المعرفة وهو عار منها ، ويحرم عليه أيضا وصف الدواء حيث كان مستنده مجرد ذلك ا هـ فتاوى حج الحديثية بالمعنى ( قوله : حنث بأكله ) يقينا ا هـ حج ( قوله زيادة على نصف عادته ) ولو اختلفت عادته في الأكل زمانا أو مكانا اعتبر في كل زمان أو مكان ما هو عادته فيه ( قوله : ولو لم يجد إلا نصف مد غداء ) أي نصف مد يدفعه وقت الغداء وكذا يقال فيما بعده



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ولا سيدا ) كان الأولى عدم ذكره هنا كما في التحفة لأنه سيأتي في بحث الأذرعي ، أو أنه كان يذكر معه الولد الذي يلزمه الإعفاف ( قوله : وتبرع ولده ) في التعبير بالتبرع هنا تسمح ، بل لا وجه لبحثه لأن نص المذهب كما مر أن عليه كفاية أصله وزوجته ( قوله : فالأولى ) من تمام القيل ليناسب التعبير بقيل والقائل هو الشهاب حج ، وعبارته بدل فالأولى إلخ . إلا أن يوجه إلخ . ( قوله : ومثل الكسب غيره ) عبارة التحفة عقب قوله اللائق نصها : [ ص: 214 ] وكذا غيره انتهت : أي غير اللائق ، والشارح تصرف في عبارته بما لا يصح ، ولو أبدل لفظ الكسب باللائق لصح




                                                                                                                            الخدمات العلمية