الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويأكل من لحم الأضحية [ ص: 328 ] ويأكل غنيا ويدخر ، وندب أن لا ينقص التصدق عن الثلث ) . وندب تركه لذي عيال توسعة عليهم ( وأن يذبح بيده إن علم ذلك وإلا ) يعلمه ( شهدها ) بنفسه ويأمر غيره بالذبح كي لا يجعلها ميتة .

التالي السابق


( قوله ويأكل من لحم الأضحية إلخ ) هذا في الأضحية الواجبة والسنة سواء إذا لم تكن واجبة بالنذر ، وإن وجبت به فلا يأكل منها شيئا ولا يطعم غنيا سواء كان الناذر غنيا أو فقيرا لأن سبيلها التصدق وليس للمتصدق ذلك ، ولو أكل فعليه قيمة ما أكل زيلعي ، وأراد بالأضحية السنة أضحية الفقير فإنه صرح بأنها تقع منه سنة قبيل قول الكنز ، ويضحي بالجماء لكنه خلاف ما في النهاية من أنها لا تقع منه واجبة ولا سنة بل تطوعا محضا ، وكذا صرح في البدائع أنها تكون تطوعا وهي أضحية المسافر والفقير الذي لم يوجد منه النذر بها ولا الشراء للأضحية لانعدام سبب الوجوب وشرطه ، فالظاهر أنه أراد بالسنة التطوع تأمل . ثم ظاهر كلامه أن الواجبة على الفقير بالشراء له الأكل منها . وذكر أبو السعود أن شراءه لها بمنزلة النذر فعليه التصدق بها ا هـ . أقول : التعليل بأنها بمنزلة النذر مصرح به في كلامهم ، ومفاده ما ذكر . وفي التتارخانية : سئل القاضي بديع الدين عن الفقير إذا اشترى شاة لها هل يحل له الأكل ؟ قال نعم .

وقال القاضي برهان الدين لا يحل ا هـ فتأمل ، ثم اعلم أن هذا كله فيما إذا ذبحها في أيام النحر بدليل ما قدمناه عن الخانية أنه إذا أوجب شاة بعينها أو اشتراها ليضحي بها فمضت أيام النحر تصدق بها حية ولا يأكل منها لانتقال الواجب من الإراقة إلى التصدق وإن لم يوجب ولم يشتر وهو موسر تصدق بالقيمة ا هـ وقدمنا أن مفاد كلامهم أن الغني له الأكل من المنذورة إذا قصد بنذره الإخبار عن الواجب عليه ، فالمراد بالنذر في كلام الزيلعي هنا النذر ابتداء . والحاصل أن التي لا يؤكل منها هي المنذورة ابتداء والتي وجب التصدق بعينها بعد أيام النحر والتي ضحى بها عن الميت بأمره على المختار كما قدمناه عن البزازية . والواجبة على الفقير بالشراء على أحد القولين المارين والذي ولدته الأضحية كما قدمناه عن الخانية والمشتركة بين سبعة نوى بعضهم بحصته القضاء عن الماضي كما قدمناه آنفا عن الخانية أيضا ، فهذه كلها سبيلها التصدق [ ص: 328 ] على الفقير فاغتنم هذا التحرير ، ويأتي في كلام الشارح أيضا بعض مسائل من هذا القبيل ( قوله ويأكل غنيا ويدخر ) لقوله عليه الصلاة والسلام بعد النهي عن الادخار { كلوا وأطعموا وادخروا } الحديث رواه الشيخان وأحمد

( قوله وندب إلخ ) قال في البدائع : والأفضل أن يتصدق بالثلث ويتخذ الثلث ضيافة لأقربائه وأصدقائه ويدخر الثلث ; ويستحب أن يأكل منها ، ولو حبس الكل لنفسه جاز لأن القربة في الإراقة والتصدق باللحم تطوع ( قوله وندب تركه ) أي ترك التصدق المفهوم من السياق ( قوله لذي عيال ) غير موسع الحال بدائع ( قوله شهدها بنفسه ) لما روى الكرخي بإسناده إلى عمران بن الحصين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قومي يا فاطمة فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب عملته وقولي - { إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له } - } أتقاني ( قوله كي لا يجعلها ميتة ) علة لعدم ذبحها بيده المفهوم من قوله شهدها ويأمر غيره




الخدمات العلمية