الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 425 ] التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      والصافات صفا وما بعدها، إلى قوله: فالتاليات ذكرا يراد به الملائكة، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      {والصافات}: جمع (صافة) كأنها: جماعة صافة، وقيل لها: (الزاجرات) لأنها تزجر بالسحاب، أو لأنها تزجر عن معاصي الله.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : (الزاجرات): آي: القرآن، وعن قتادة أيضا في (التاليات ذكرا): أنه يراد به: كل من تلا ذكر الله وكتبه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ورب المشارق يعني: المشارق والمغارب، فحذف، والمراد: مشارق الشمس.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : للشمس كل يوم مشرق ومغرب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا} أي: وحفظناها حفظا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لا يسمعون إلى الملإ الأعلى يعني: الملائكة; والمعنى: لئلا يسمعوا، فحذفت (أن) فارتفع الفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويقذفون من كل جانب دحورا} أي: يرمون مطرودين، عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 426 ] قتادة : {دحورا}: رميا في النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولهم عذاب واصب أي: دائم، عن مجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح والسدي : موجع.

                                                                                                                                                                                                                                      إلا من خطف الخطفة أي: استرق شيئا من السمع بسرعة.

                                                                                                                                                                                                                                      فأتبعه شهاب ثاقب أي: مضيء، عن الحسن وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وجعل الله تعالى الرجوم علما لمبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنها لم تكن قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس في (الشهب) قال: تحرقهم من غير موت، وليست الشهب التي يرجم بها الكواكب الثابتة، يدل على ذلك رؤية حركاتها، والثابتة تجري ولا ترى حركاتها؛ لبعدها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا : قال مجاهد : أي: أم من خلقنا من السماوات، والأرض، والجبال، والبحار؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: يدخل فيه الملائكة، ومن سلف من الأمم الماضية، يدل على ذلك أنه أخبر عنه بـ {من} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا خلقناهم من طين لازب : قال قتادة وابن زيد: معنى {لازب}: [ ص: 427 ] لازق.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: {لازب} معناه: جيد.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : معناه: لازم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومثله قولهم: (لاتب، ولاتم) على بدل الباء من الميم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بل عجبت ويسخرون أي: بل عجبت مما نزل عليك من القرآن، وهم يسخرون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذا رأوا آية يستسخرون أي: يستدعون السخري من غيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : يستهزئون، قتادة : يسخرون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قل نعم وأنتم داخرون أي: نعم تبعثون، وأنتم داخرون، أي صاغرون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون أي: ينظر بعضهم إلى بعض، وقيل: المعنى: ينتظرون ما يفعل بهم، وقيل: هو مثل قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء: 97].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين أي: يوم الجزاء، فقال الله تعالى: هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون ،

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 428 ] وقيل: هو من قول بعضهم لبعض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: احشروا الذين ظلموا وأزواجهم : من قول الله تعالى للملائكة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {أزواجهم}: قرناؤهم.

                                                                                                                                                                                                                                      عمر و ابن عباس : معناه: وأشباههم، عمر -رضي الله عنه-: الزاني مع الزاني، وشارب الخمر مع شارب الخمر، والسارق مع السارق.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة وأبو العالية: يعني: أشياعهم الكفار مع الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: أزواجهم في الأعمال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاهدوهم إلى صراط الجحيم أي: دلوهم عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما لكم لا تناصرون أي: لا ينصر بعضكم بعضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بل هم اليوم مستسلمون أي: قد استسلموا للعذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين : [قال مجاهد : هذا قول الكفار للشياطين، ومعنى عن اليمين : عن طريق الجنة، عن قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: تأتوننا من جهة النصح، والعرب تتيمن بما جاء عن اليمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: تأتوننا إتيان من إذا حلف لنا صدقناه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قيل في معناه ما قيل في قوله: وعن أيمانهم وقد تقدم ذكره في (الأعراف) [17].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 429 ] ومعنى (سؤال بعضهم لبعض): التأنيب والتوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا بل لم تكونوا مؤمنين : هذا قول المتبوعين للتابعين، أي: لم تكونوا مؤمنين، فرددناكم عن الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      وما كان لنا عليكم من سلطان أي: من حجة في ترك الحق.

                                                                                                                                                                                                                                      بل كنتم قوما طاغين أي: متجاوزين في الظلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فحق علينا قول ربنا : هو أيضا من قول المتبوعين، أي: فحق علينا وعليكم قول ربنا، فكلنا في العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأغويناكم إنا كنا غاوين : بالوسوسة، والاستدعاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون أي: إذا قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله يستكبرون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أولئك لهم رزق معلوم يعني: رزق الجنة، وقال قتادة : يعني: الجنة، وقيل: يعني: الفواكه التي ذكر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يطاف عليهم بكأس من معين أي: من خمر جارية.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك والسدي : كل (كأس) في القرآن فهي الخمر، والعرب تقول للإناء [ ص: 430 ] إذا كان فيه خمر: (كأس) فإذا لم يكن فيه خمر; قالوا: (إناء) و (قدح).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لا فيها غول أي: لا تذهب عقولهم، ولا هم عنها ينزفون أي: لا تصدع رؤوسهم، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : لا فيها غول أي: لا فيها صداع، ولا هم عنها ينزفون أي: لا تذهب عقولهم، وعنه أيضا: (الغول): وجع البطن، وقيل: (الغول): الإثم.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الغول) في اللغة: الأذى والمكروه، يقال: (غاله الشراب، واغتاله) إذا آذاه وذهب بعقله.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: ولا هم عنها ينزفون أي: لا تنزف عقولهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى {ينزفون}: يسكرون، و (النزيف): السكران، وهو المنزوف أيضا، يقال: (نزف الرجل) إذا ذهب عقله من السكر، وحكى أبو عبيدة: أنزف إذا سكر، ويقال أيضا: أنزف إذا نفد شرابه، فهو منزف، والأصل في ذلك النقصان، فهو يرجع إلى نقصان العقول والشراب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 431 ] وقوله: وعندهم قاصرات الطرف عين : قال ابن عباس وغيره: قصرن طرفهن على أزواجهن، مجاهد : معناه: لا يغرن.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {عين}: حسان العيون، عن مجاهد ، السدي: عظام العيون، الحسن : الشديدات بياض العيون الشديدات سوادها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كأنهن بيض مكنون : قال ابن عباس : يعني اللؤلؤ المكنون في الصدف.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن ، وابن زيد: شبههن ببيض النعام، يكن بالريش من الريح والغبار.

                                                                                                                                                                                                                                      سعيد بن جبير ، والسدي : شبههن ببطن البيض قبل أن يقشر وتمسه الأيدي.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري: هو القشر الرقيق الذي على البيضة من داخل، وروي نحو ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والعرب تشبه المرأة ببيضة النعامة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية