الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          الأول : الميتة ، يراد بالميت عند الإطلاق ما مات حتف أنفه ; أي بدون فعل فاعل ، والتأنيث هنا وفي قوله : والمنخنقة إلخ ; لأنه وصف للشاة كما قالوا ، وهي تطلق على الذكر والأنثى من الغنم ، وإن كانت موضوعة في الأصل للأنثى ، والمراد الشاة وغيرها من الحيوان المأكول ، ولك أن تقدر البهيمة بدل الشاة ولفظها أعم ، وهو الذي ورد في قوله : أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم فلما كانت هذه الآية مبينة لما استثني من حل بهيمة الأنعام صار المناسب أن نقول : إن الميتة هنا صفة للبهيمة ; أي حرمت عليكم البهيمة الميتة ، والمراد من الميتة في عرف الشرع : ما مات ولم يذكه الإنسان لأجل أكله تذكية جائزة ، فيدخل في عمومه جميع ما يأتي مع اعتبار قاعدة : إذا قوبل العام بالخاص يراد بالعام ما وراء الخاص . وحكمة تحريم ما مات حتف أنفه ; أنه يكون في الغالب ضارا ; لأنه لا بد أن يكون قد مات بمرض أو ضعف ، أو نسمة خفية مما يسمى الآن بالميكروب انحلت به قواه ، أو ولد فيه سموما ، وقد يعيش ميكروب المرض في جثة الميت زمنا ، ولأنه مما تعافه الطباع السليمة وتستقذره ، وتعده خبثا ، والمشهور عند علمائنا أن سبب ضرر الميتة احتباس الرطوبات فيها ، وفيه بحث سيأتي في الكلام على التذكية .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية