الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8642 ) فصل : وإذا قال لعبده : أنت حر ، وعليك ألف . عتق ، ولا شيء عليه ; لأنه أعتقه بغير شرط وجعل عليه عوضا لم يقبله ، فيعتق ، ولم يلزمه الألف . هكذا ذكر المتأخرون من أصحابنا . ونقل جعفر بن محمد ، قال : سمعت أبا عبد الله قيل له : إذا قال : أنت حر وعليك ألف درهم . قال جيد . قيل له : فإن لم يرض العبد ؟ قال : لا يعتق ، إنما قاله له على أن يؤدي إليه ألف درهم ، فإن لم يؤد ، فلا شيء . وإن قال : أنت حر على ألف . فكذلك . في إحدى الروايتين ; لأن " على " ليست من أدوات الشرط ولا البدل ، فأشبه قوله : وعليك ألف . والثانية ، إن قبل ، العبد ، عتق ، ولزمته الألف ، وإن لم يقبل ، لم يعتق .

                                                                                                                                            وهذا قول مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة ; لأنه أعتقه بعوض ، فلم يعتق بدون قبوله ، كما لو قال : أنت حر بألف . وهذه الرواية أصح ; لأن " على " تستعمل للشرط والعوض ، قال الله تعالى : { قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا } . وقال تعالى { فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا } . ولو قال في النكاح : زوجتك ابنتي فلانة ، على صداق خمسمائة درهم . فقال الآخر : قبلت . صح النكاح ، وثبت الصداق . وقال الفقهاء : إذا تزوجها على ألف لها ، وألف لأبيها ، كان ذلك جائزا . فأما إذا قال : أعتقتك على أن تخدمني سنة . فقبل ، ففيها روايتان ، كالتي قبلها . وقيل : إن لم يقبل العبد ، لم يعتق . رواية واحدة . فعلى هذا ، إذا قبل العبد ، عتق في الحال ، ولزمته خدمته سنة . فإن مات السيد قبل كمال السنة ، رجع على العبد بقيمة ما بقي من الخدمة . وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : تقسط قيمة العبد على خدمة السنة ، فيقسط منها بقدر ما مضى ، ويرجع عليه بما بقي من قيمته .

                                                                                                                                            ولنا أن العتق عقد لا يلحقه الفسخ ، فإذا تعذر فيه استيفاء العوض ، رجع إلى قيمته ، كالخلع في النكاح ، والصلح في دم العمد . وإن قال : أنت حر ، على أن تعطيني ألفا . فالصحيح أنه لا يعتق حتى يقبل ، فإذا قبل ، عتق ، ولزمه الألف . وإن قال : أنت حر بألف . لم يعتق حتى يقبل ، فيعتق ، ويلزمه ألف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية