الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والنهر في ملك الغير لا حريم - [ ص: 437 ] له إلا ببرهان ) وقالا له مسناة النهر لمشيه ولقي طينه . وقدره محمد بقدر عرض النهر من كل جانب ، وهو أرفق ملتقى . وقدره أبو يوسف بنصف بطن النهر وعليه الفتوى قهستاني معزيا للكرماني ، وفيه معزيا للاختيار ، والحوض على هذا الاختلاف . وفيه معزيا للكافي ، ولو كان النهر صغيرا يحتاج إلى كريه في كل حين فله حريم بالاتفاق وفيه معزيا للكرماني أن الخلاف في نهر مملوك له مسناة فارغة بلزقها أرض لغير صاحب النهر فالمسناة له عندهما ولصاحب الأرض عنده وفيه معزيا للتتمة الصحيح أن له حريما بالاتفاق بقدر ما يحتاج إليه لإلقاء الطين ونحوه ا هـ قلت : وممن نقل الاتفاق الشرنبلالي عن الاختيار وشرح المجمع .

- -

التالي السابق


( قوله والنهر في ملك الغير لا حريم له إلخ ) قيل إن هذه المسألة مبنية على أن من أحيا نهرا في موات لا يستحق له حريما [ ص: 437 ] عنده ، وعندهما يستحقه . وقال عامتهم : الصواب أنه يستحقه بالإجماع أتقاني عن شروح الجامع الصغير ثم نقل عن المحققين أيضا أنها ليست مبنية على ذلك ، وأن للنهر في الموات حريما اتفاقا ، ومثله في الاختيار . زاد الأتقاني : وإنما الخلاف فيما إذا لم يعرف أن المسناة في يد من هي بأن كانت متصلة بالأرض مساوية لها ، ولم تكن أعلى منها ا هـ .

فلو بينهما فاصل كحائط ونحوه فالمسناة لصاحب النهر بالإجماع عناية ، ولو مشغولة بغرس لأحدهما أو طين ونحوه فهي لصاحب الشغل بالاتفاق تصحيح قاسم ، ومثله في الزيلعي حيث قال بعد الكلام فينكشف بهذا موضع الخلاف ، وهو أن يكون الحريم موازيا للأرض لا فاصل بينهما ، وأن لا يكون الحريم مشغولا بحق أحدهما معينا معلوما ، وإن كان فيه أشجار ولا يدرى من غرسها فهو على هذا الاختلاف ا هـ ومثله في الهداية وغيرها ، ومنه ما يأتي عن الكرماني ، وهذا كله يؤيد ما مر من تصحيح الاتفاق على أنه لو في موات فله حريم ، وما في الهندية من إجرائه الخلاف في الموات أيضا فهو مقابل للصحيح بل محل الخلاف فيما لو كان في ملك الغير كما فرضه المصنف ، ثم في الهداية ولا نزاع فيما به استمساك الماء إنما النزاع فيما وراءه مما يصلح للغرس ( قوله وقالا إلخ ) ثمرة الاختلاف أن ولاية الغرس لصاحب الأرض عنده ، وعندهما لصاحب النهر ، وأما إلقاء الطين فقيل على الخلاف ، وقيل : لصاحب النهر ذلك ما لم يفحش ، وهو الصحيح ، وأما المرور فقيل يمنع لصاحب النهر عنه ، وقيل لا للضرورة وهو الأشبه قال الفقيه أبو جعفر : آخذ بقوله في الغرس وبقولهما في إلقاء الطين كفاية وهداية ( قوله لمشيه ) أي ليجري الماء إذا احتبس .

( قوله ولقي طينه ) كذا في النسخ والأولى وإلقاء طينه وفي القاموس لقاه الشيء ألقاه إليه واللقى كفتى ما طرح جمعه ألقاه ا هـ تأمل ( قوله بقدر عرض النهر ) عبارة الهداية وغيرها بقدر بطنه والمعنى واحد ، لأن النهر اسم للحفرة ( قوله وقدره ) يعني بعد ما اتفقا على أن له مسناة اختلفا في تقديرها ( قوله معزيا للكفاية ) قال في الكفاية قال أبو جعفر الهندواني في كشف الغوامض : الاختلاف في نهر كبير لا يحتاج إلى كربه في كل حين إلخ وقال في العناية بعد نقله لمجموع عبارته : وظاهر كلام المصنف أي صاحب الهداية ينافيه ( قوله له مسناة فارغة ) قدمنا بيان محترزه ( قوله وفيه معزيا للتتمة ) قد علمت مما قدمناه أن تصحيح الاتفاق فيما لو أحياه في أرض موات وكلامه لو كان في ملك الغير وفيه الخلاف ، وقدمنا بيان موضع الخلاف عن عدة كتب ، لكن مفاد كلام المجمع أن الاتفاق فيما لو كان في ملك الغير فإنه بعد ما نقل الخلاف فيه قال وقيل له بالاتفاق ا هـ ومثله في درر البحار ، وعليه فالاتفاق جار في الموضعين تأمل .

[ خاتمة ]

بنى قصرا في مفازة لا يستحق حريما ، وإن احتاجه لإلقاء الكناسة فيه اتفقا على أن يخرجا نفقة لحفر بئر على أنه لأحدهما وحريمه لآخر لا يجوز وهما بينهما ، وإن على أن يكونا بينهما نصفين على أن ينفق أحدهما أكثر لم يجز ولمن أنفق أكثر أن يرجع بنصف الزيادة ، وإن على أن يحفرا نهرا لأحدهما وأرضا للآخر لم يجز حتى يكون بينهما ولمن أنفق أكثر أن يرجع تتارخانية ملخصا والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية