الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8721 ) فصل : وقتل المكاتب كموته في انفساخ الكتابة ، على ما أسلفناه من الخلاف ، سواء كان القاتل السيد أو الأجنبي . ولا قصاص على قاتله الحر لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم . فإن كان القاتل سيده ولم يخلف وفاء انفسخت الكتابة ، وعاد ما في يده إلى سيده ، ولم يجب عليه شيء ; لأنه لو وجب لوجب له . فإن قيل : فالقاتل لا يستحق بالقتل شيئا من تركة المقتول . قلنا : هاهنا لا يرجع إليه مال المكاتب ميراثا ، بل بحكم ملكه عليه ، لزوال الكتابة ، وإنما يمنع القاتل الميراث خاصة ، ألا ترى أن من له دين مؤجل ، إذا قتل من عليه الحق ، حل دينه ؟ وفي رواية : وأم الولد إذا قتلت سيدها عتقت . وإن كان المكاتب قد خلف وفاء ، وقلنا : إن الكتابة [ ص: 348 ] تنفسخ بموته . فالحكم كذلك . وإن قلنا : لا تنفسخ بموته . فله القيمة على سيده تصرف إلى ورثته ، كما لو كانت الجناية على بعض أطرافه في حياته .

                                                                                                                                            فإن كان الوفاء يحصل بإيجاب القيمة ، ولا يحصل بدونها ، وجبت ، كما لو خلف وفاء ; لأن دية المقتول كتركته ، في قضاء ديونه منها ، وانصرافها إلى وراثه بينهم على فرائض الله تعالى . ولا فرق ، فيما ذكرنا ، بين أن يخلف وارثا ، أو لا يخلف وارثا .

                                                                                                                                            وذكر القاضي ، أنه إذا لم يخلف وارثا سوى سيده ، لم تجب القيمة عليه بحال .

                                                                                                                                            ولنا ، أن من لا وارث له ، يصرف ماله إلى المسلمين ولا حق لسيده فيه ; لأن صرفه إلى سيده بطريق الإرث ، والقاتل لا ميراث له . وإن كان القاتل أجنبيا ، وجبت القيمة لسيده ، إلا في الموضع الذي لا تنفسخ الكتابة ، فإنها تجب لورثته . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية