الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويحرم أكل البنج والحشيشة ) [ ص: 458 ] هي ورق القتب ( والأفيون ) لأنه مفسد للعقل ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ( لكن دون حرمة الخمر ، فإن أكل شيئا من ذلك لا حد عليه وإن سكر ) منه ( بل يعزر بما دون الحد ) كذا في الجوهرة ، وكذا تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة قاله المصنف . ونقل عن الجامع وغيره أن من قال بحل البنج والحشيشة فهو زنديق مبتدع ; [ ص: 459 ] بل قال نجم الدين الزاهدي : إنه يكفر ويباح قتله .

قلت : ونقل شيخنا النجم الغزي الشافعي في شرحه على منظومة أبيه البدر المتعلقة بالكبائر والصغائر عن ابن حجر المكي أنه صرح بتحريم جوزه الطيب بإجماع الأئمة الأربعة وأنها مسكرة . ثم قال شيخنا النجم : والتتن الذي حدث وكان حدوثه بدمشق في سنة خمسة عشر بعد الألف يدعي شاربه أنه لا يسكر وإن سلم له فإنه مفتر [ ص: 460 ] وهو حرام لحديث أحمد عن أم سلمة قالت " { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر } " قال : وليس من الكبائر تناوله المرة والمرتين ، ومع نهي ولي الأمر عنه حرم قطعا ، على أن استعماله ربما أضر بالبدن ، نعم الإصرار عليه كبيرة كسائر الصغائر ا هـ بحروفه . وفي الأشباه في قاعدة : الأصل الإباحة أو التوقف ، ويظهر أثره فيما أشكل حاله كالحيوان المشكل أمره والنبات المجهول سمته ا هـ .

قلت : فيفهم منه حكم النبات الذي شاع في زماننا المسمى بالتتن فتنبه ، وقد كرهه شيخنا العمادي في هديته [ ص: 461 ] إلحاقا له بالثوم والبصل بالأولى فتدبر ، وممن جزم بحرمة الحشيشة شارح الوهبانية في الحظر ، ونظمه فقال : وأفتوا بتحريم الحشيش وحرقه وتطليق محتش لزجر وقرروا     لبائعه التأديب والفسق أثبتوا
وزندقة للمستحل وحرروا

التالي السابق


( قوله ويحرم أكل البنج ) هو بالفتح : نبات يسمى في العربية شيكران ، يصدع ويسبت ويخلط العقل كما في التذكرة للشيخ داود . وزاد في القاموس : وأخبثه الأحمر ثم الأسود وأسلمه الأبيض ، وفيه : السبت يوم الأسبوع ، والرجل الكثير النوم ، والمسبت : الذي لا يتحرك . وفي القهستاني : هو أحد نوعي شجر القنب ، حرام لأنه يزيل العقل ، وعليه الفتوى ، بخلاف نوع آخر منه فإنه مباح كالأفيون لأنه وإن اختل العقل به لا يزول ، وعليه يحمل ما في الهداية وغيرها من إباحة البنج كما في شرح اللباب ا هـ .

أقول : هذا غير ظاهر ، لأن ما يخل العقل لا يجوز أيضا بلا شبهة فكيف يقال إنه مباح : بل الصواب أن مراد صاحب الهداية وغيره إباحة قليله للتداوي ونحوه ومن صرح بحرمته أراد به القدر المسكر منه ، يدل عليه ما في غاية البيان عن شرح شيخ الإسلام : أكل قليل السقمونيا والبنج مباح للتداوي ، ما زاد على ذلك إذا كان يقتل أو يذهب العقل حرام ا هـ فهذا صريح فيما قلناه مؤيد لما سبق بحثناه من تخصيص ما مر من أن ما أسكر كثيره حرم قليله بالمائعات ، وهكذا يقول في غيره من الأشياء الجامدة المضرة في العقل أو غيره ، يحرم تناول القدر المضر منها دون القليل النافع ، لأن حرمتها ليست لعينها بل لضررها . وفي أول طلاق البحر : من غاب عقله بالبنج والأفيون يقع طلاقه إذا استعمله للهو وإدخال الآفات قصدا لكونه معصية ، وإن كان للتداوي فلا لعدمها ، كذا في فتح القدير ، وهو صريح في حرمة البنج والأفيون لا للدواء . وفي البزازية : والتعليل ينادي بحرمته لا للدواء ا هـ كلام البحر . وجعل في النهر هذا التفصيل هو الحق . [ ص: 458 ] والحاصل أن استعمال الكثير المسكر منه حرام مطلقا كما يدل عليه كلام الغاية . وأما القليل ، فإن كان للهو حرام ، وإن سكر منه يقع طلاقه لأن مبدأ استعماله كان محظورا ، وإن كان للتداوي وحصل منه إسكار فلا ، فاغتنم هذا التحرير المفرد .

بقي هنا شيء لم أر من نبه عليه عندنا ، وهو أنه إذا اعتاد أكل شيء من الجامدات التي لا يحرم قليلها ويسكر كثيرها حتى صار يأكل منها القدر المسكر ولا يسكره سواء أسكره في ابتداء الأمر أو لا ، فهل يحرم عليه استعماله نظرا إلى أنه يسكر غيره أو إلى أنه قد أسكره قبل اعتياده أم لا يحرم نظرا إلى أنه طاهر مباح ، والعلة في تحريمه الإسكار ولم يوجد بعد الاعتياد وإن كان فعله الذي أسكره قبله حراما ، كمن اعتاد أكل شيء مسموم حتى صار يأكل ما هو قاتل عادة ولا يضره كما بلغنا عن بعضهم فليتأمل ، نعم صرح الشافعية بأن العبرة لما يغيب العقل بالنظر لغالب الناس بلا عادة ( قوله وهي ورق القنب ) قال ابن البيطار . ومن القنب الهندي نوع يسمى بالحشيشة يسكر جدا إذا تناول منه يسيرا قدر درهم ، حتى إن من أكثر منه أخرجه إلى حد الرعونة ، وقد استعمله قوم فاختلت عقولهم وربما قتلت ، بل نقل ابن حجر عن بعض العلماء أن في أكل الحشيشة مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية ، ونقل عن ابن تيمية أن من قال بحلها كفر . قال : وأقره أهل مذهبه ا هـ وسيأتي مثله عندنا ( قوله والأفيون ) هو عصارة الخشخاش ، يكرب ويسقط الشهوتين إذا تمودي عليه ، ويقتل إلى درهمين ، ومتى زاد أكله على أربعه أيام ولاء اعتاده بحيث يفضي تركه إلى موته لأنه يخرق الأغشية خروقا لا يسدها غيره ، وكذا في تذكرة داود ( قوله لأنه مفسد للعقل ) حتى يصير للرجل فيه خلاعة وفساد جوهرة ( قوله وإن سكر ) لأن الشرع أوجب الحد بالسكر من المشروب لا المأكول أتقاني ( قوله كذا في الجوهرة ) الإشارة إلى قوله ويحرم أكل البنج إلخ ( قوله وكذا جوزة الطيب ) وكذا العنبر والزعفران كما في الزواجر لابن حجر المكي ، وقال : فهذه كلها مسكرة ، ومرادهم بالإسكار هنا تغطية العقل لا مع الشدة المطربة لأنها من خصوصيات المسكر المائع ، فلا ينافي أنها تسمى مخدرة ، فما جاء في الوعيد على الخمر يأتي فيها لاشتراكهما في إزالة العقل المقصود للشارع بقاؤه ا هـ .

أقول : ومثله زهر القطن فإنه قوي التفريح يبلغ الإسكار كما في التذكرة ، فهذا كله ونظائره يحرم استعمال القدر المسكر منه دون القليل كما قدمناه فافهم ، ومثله بل أولى البرش وهو شيء مركب من البنج والأفيون وغيرهما ، وذكر في التذكرة أن إدمانه يفسد البدن والعقل ، ويسقط الشهوتين ، ويفسد اللون ، وينقص القوى ، وينهك وقد وقع به الآن ضرر كثير ا هـ ( قوله قاله المصنف ) وعبارته : ومثل الحشيشة في الحرمة جوزة الطيب فقد أفتى كثير من علماء الشافعية بحرمتها ، وممن صرح بذلك منهم ابن حجر نزيل مكة في فتاواه والشيخ كمال الدين بن أبي شريف في رسالة وضعها في ذلك ، وأفتى بحرمتها الأقصراوي من أصحابنا ، وقفت على ذلك بخطه الشريف لكن قال حرمتها دون حرمة الحشيش ، والله أعلم ا هـ .

أقول : بل سيذكر الشارح حرمتها عن المذاهب الأربعة ( قوله عن الجامع ) أي جامع الفتاوى ( قوله والحشيشة ) عبارة المصنف وهو الحشيشة ( قوله فهو زنديق مبتدع ) قال في البحر : وقد اتفق على وقوع طلاقه : أي آكل [ ص: 459 ] الحشيش فتوى مشايخ المذهبين الشافعية والحنفية لفتواهم بحرمته وتأديب باعته ، حتى قالوا : من قال بحله فهو زنديق كذا في المبتغى بالمعجمة وتبعه المحقق في فتح القدير ا هـ ( قوله بل قال نجم الدين الزاهدي إلخ ) هذا ذكره المصنف نقلا عن خط بعض الأفاضل . ورده الرملي بأنه لا التفات إليه ولا تعويل عليه ، وإذ الكفر بإنكار القطعيات وهو ليس كذلك ا هـ ملخصا .

أقول : ويؤيده ما مر متنا من أن الأشربة الأربعة المحرمة حرمتها دون حرمة الخمر فلا يكفر مستحلها ، فعلى هذا يشكل أيضا الحكم عليه بأنه زنديق مع أنه أقره في الفتح والبحر وغيرها ، والزنديق يقتل ولا تقبل توبته ، لكن رأيت في الزواجر لابن حجر ما نصه : وحكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة . وقال : ومن استحلها فقد كفر . قال : وإنما لم يتكلم فيها الأئمة الأربعة لأنها لم تكن في زمنهم ، وإنما ظهر في آخر المائة السادسة وأول السابعة حين ظهرت دولة التتار ا هـ بحروفه فليتأمل ( قوله والتتن إلخ ) أقول : قد اضطربت آراء العلماء فيه ، فبعضهم قال بكراهته ، وبعضهم قال بحرمته ، وبعضهم بإباحته ، وأفردوه بالتأليف . وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي : ويمنع من بيع الدخان وشربه وشاربه في الصوم لا شك يفطر وفي شرح العلامة الشيخ إسماعيل النابلسي والد سيدنا عبد الغني على شرح الدرر بعد نقله أن للزوج منع الزوجة من أكل الثوم والبصل وكل ما ينتن الفم . قال : ومقتضاه المنع من شربها التتن لأنه ينتن الفم خصوصا إذا كان الزوج لا يشربه أعاذنا الله تعالى منه . وقد أفتى بالمنع من شربه شيخ مشايخنا المسيري وغيره ا هـ . وللعلامة الشيخ علي الأجهوري المالكي رسالة في حله نقل فيها أنه أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة .

قلت : وألف في حله أيضا سيدنا العارف عبد الغني النابلسي رسالة سماها ( الصلح بين الإخوان في إباحة شرب الدخان ) وتعرض له في كثير من تآليفه الحسان ، وأقام الطامة الكبرى على القائل بالحرمة أو بالكراهة فإنهما حكمان شرعيان لا بد لهما من دليل ولا دليل على ذلك فإنه لم يثبت إسكاره ولا تفتيره ولا إضراره ، بل ثبت له منافع ، فهو داخل تحت قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة وأن فرض إضراره للبعض لا يلزم منه تحريمه على كل أحد ، فإن العسل يضر بأصحاب الصفراء الغالبة وربما أمرضهم مع أنه شفاء بالنص القطعي ، وليس الاحتياط في الافتراء على الله تعالى بإثبات الحرمة أو الكراهة اللذين لا بد لهما من دليل بل في القول بالإباحة التي هي الأصل ، وقد توقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه هو المشرع في تحريم الخمر أم الخبائث حتى نزل عليه النص القطعي ، فالذي ينبغي للإنسان إذا سئل عنه سواء كان ممن يتعاطاه أو لا كهذا العبد الضعيف وجميع من في بيته أن يقول هو مباح ، لكن رائحته تستكرهها الطباع ; فهو مكروه طبعا لا شرعا إلى آخر ما أطال به رحمه الله تعالى ، وهذا الذي يعطيه كلام الشارح هنا حيث أعقب كلام شيخنا النجم بكلام الأشباه وبكلام شيخه العمادي وإن كان في الدر المنتقى جزم بالحرمة ، لكن لا لذاته بل لورود النهي السلطاني عن استعماله ويأتي الكلام فيه ( قوله فإنه مفتر ) قال في القاموس : فتر جسمه فتورا لانت مفاصله وضعف ، والفتار كغراب ابتداء النشوة ، [ ص: 460 ] وأفتر الشراب فتر شاربه ( قوله وهو حرام ) مخالف لما نقل عن الشافعية فإنهم أوجبو على الزوج كفايتها منه ا هـ أبو السعود فذكروا أن ما ذهب إليه ابن حجر ضعيف ، والمذهب كراهة التنزيه إلا لعارض . وذكروا أنه إنما يجب للزوجة على الزوج إذا كان لها اعتياد ولا يضرها تركه فيكون من قبيل التفكه ، أما إذا كانت تتضرر بتركه فيكون من قبيل التداوي وهو لا يلزمه ط ( قوله ومع نهي ولي الأمر عنه إلخ ) قال سيدي العارف عبد الغني : ليت شعري أي أمر من أمريه يتمسك به ، أمره الناس بتركه أم أمره بإعطاء المكس عليه ، وهو في الحقيقة أمر باستعماله على أن المراد من أولي الأمر في الآية العلماء في أصح الأقوال كما ذكره العيني في آخر مسائل شتى من شرح الكنز . وأيضا هل منع السلاطين الظلمة المصرين على المصادرات وتضييع بيوت المال وإقرارهم القضاة وغيرهم على الرشوة والظلم يثبت حكما شرعيا . وقد قالوا : من قال لسلطان زماننا عادل كفر ا هـ ملخصا .

أقول : مقتضاه أن أمراء زماننا لا يفيد أمرهم الوجوب ، وقد صرحوا في متفرقات القضاء عند قول المتون أمرك قاض برجم أو قطع أو ضرب قضى فيه وسعك فعله بقولهم لوجوب طاعة ولي الأمر . قال الشارح هناك : ومنعه محمد حتى يعاين الحجة ، واستحسنوه في زماننا وبه يفتى إلخ . وذكر العلامة البيري في أواخر شرحه على الأشباه أن من شروط الإمامة : أن يكون عدلا بالغا أمينا ورعا ، ذكرا موثوقا به في الدماء والفروج والأموال ، زاهدا متواضعا مسايسا في موضع السياسة . ثم إذا وقعت البيعة من أهل الحل والعقد مع من صفته ما ذكر صار إماما يفترض إطاعته كما في خزانة الأكمل . وفي شرح الجواهر : تجب إطاعته فيما أباحه الشرع ، وهو ما يعود نفعه على العامة ، وقد نصوا في الجهاد على امتثال أمره في غير معصية . وفي التتارخانية . إذا أمر الأمير العسكر بشيء فعصاه واحد لا يؤدبه في أول وهلة بل ينصحه ، فإن عاد بلا عذر أدبه ا هـ ملخصا . وأخذ البيري من هذا أنه لو أمر بصوم أيام الطاعون ونحوه يجب امتثاله .

أقول : وظاهر عبارة خزانة الفتاوى لزوم إطاعة من استوفى شروط الإمامة ، وهذا يؤيد كلام العارف قدس سره ، لكن في حاشية الحموي ما يدل على أن هذه الشروط لرفع الإثم لا لصحة التولية فراجعه ( قوله ربما أضر بالبدن ) الواقع أنه يختلف باختلاف المستعملين ط ( قوله الأصل الإباحة أو التوقف ) المختار الأول عند الجمهور من الحنفية والشافعية كما صرح به المحقق ابن الهمام في تحرير الأصول ( قوله فيفهم منه حكم النبات ) وهو الإباحة على المختار أو التوقف . وفيه إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره ، وإلا لم يصح إدخاله تحت القاعدة المذكورة ولذا أمر بالتنبه ( قوله وقد كرهه شيخنا العمادي في هديته ) أقول : ظاهر كلام العمادي أنه مكروه تحريما ويفسق متعاطيه ، فإنه قال في فصل الجماعة . ويكره الاقتداء بالمعروف بأكل الربا أو شيء من المحرمات ، أو يداوم الإسرار على شيء من البدع المكروهات كالدخان المبتدع في هذا الزمان ولا سيما بعد صدور منع السلطان ا هـ . ورد عليه سيدنا عبد الغني في شرح الهدية بما حاصله ما قدمناه ، فقول الشارح إلحاقا [ ص: 461 ] له بالثوم والبصل فيه نظر ، إذ لا يناسب كلام العمادي ، نعم إلحاقه بما ذكر هو الإنصاف . قال أبو السعود : فتكون الكراهة تنزيهية ، والمكروه تنزيها يجامع الإباحة ا هـ . وقال ط : ويؤخذ منه كراهة التحريم في المسجد للنهي الوارد في الثوم والبصل وهو ملحق بهما ، والظاهر كراهة تعاطيه حال القراءة لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب الله تعالى ا هـ ( قوله وممن جزم إلخ ) قد علمت إجماع العلماء على ذلك .



[ تتمة ]

لم يتكلم على حكم قهوة البن ، وقد حرمها بعضهم ولا وجه له كما في تبيين المحارم وفتاوى المصنف وحاشية الأشباه للرملي . وقال شيخ الشارح النجم الغزي في تاريخه ترجمة أبي بكر بن عبد الله الشاذلي المعروف بالعيدروس : إنه أول من اتخذ القهوة لما مر في سياحته بشجر البن فاقتات من ثمره ، فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة ، فاتخذه قوتا وطعاما وأرشد أتباعه إليه ، ثم انتشرت في البلاد . واختلف العلماء في أول القرن العاشر ، فحرمها جماعة ترجح عند هم أنها مضرة ، آخرهم بالشام والد شيخنا العيتاوي والقطب ابن سلطان الحنفي وبمصر أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي تبعا لأبيه ، والأكثرون إلى أنها مباحة ، وانعقد الإجماع بعدهم على ذلك . وأما ما ينضم إليها من المحرمات فلا شبهة في تحريمه ا هـ ملخصا .



[ خاتمة ]

سئل ابن حجر المكي عمن ابتلي بأكل نحو الأفيون وصار إن لم يأكل منه هلك . فأجاب : إن علم ذلك قطعا حل له ، بل وجب لاضطراره إلى إبقاء روحه كالميتة للمضطر ، ويجب عليه التدريج في تنقيصه شيئا فشيئا حتى يزول تولع المعدة به من غير أن تشعر ، فإن ترك ذلك فهو آثم فاسق ا هـ ملخصا . قال الرملي : وقواعدنا لا تخالفه .



[ فرع ]

قدمنا في الحظر والإباحة عن التتارخانية أنه لا بأس بشرب ما يذهب بالعقل لقطع نحو أكله . أقول : ينبغي تقييده بغير الخمر ، وظاهره أنه لا يتقيد بنحو بنج من غير المائع ، وقيده به الشافعية ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية