الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8776 ) فصل : وإذا جنى المكاتب جنايات تعلقت برقبته واستوى الأول والآخر في الاستيفاء ولم يقدم الأول على الثاني ; لأنها تعلقت بمحل واحد ، وكذا إن كان بعضها في حال كتابته وبعضها بعد تعجيزه فهي سواء ، ويتعلق جميعها بالرقبة فإن كان فيها ما يوجب القصاص فلولي الجناية استيفاؤه وتبطل حقوق الآخرين ، وإن عفا إلى مال صار حكمه حكم الجناية الموجبة للمال ، فإن أبرأه بعضهم استوفى الباقون ; لأن حق كل واحد يتعلق برقبته يستوفيه إذا انفرد فإذا اجتمعوا تزاحموا فإذا أبرأه بعضهم سقط حقه وتزاحم الباقون كما لو انفردوا كما في الوصايا فإن أدى وعتق فالضمان عليه ، وإن أعتقه سيده فالضمان عليه وأيهما ضمن فالواجب عليه أقل الأمرين كما ذكرنا في الجناية الواحدة ; ولأنه لو عجزه الغرماء وعاد قنا بيع وتحاصوا في ثمنه كذلك هاهنا فأما إن عجزه سيده فعاد قنا خير بين فدائه وتسليمه فإن اختار فداءه ففيه روايتان : إحداهما يفديه بأقل الأمرين كما لو أعتقه أو قتله .

                                                                                                                                            والثانية يلزمه أرش الجنايات كلها بالغة ما بلغت ; لأنه لو سلمه احتمل أن يرغب فيه راغب بأكثر من قيمته ، فقد فوت تلك الزيادة باختيار إمساكه فكان عليه جميع الأرش ويفارق ما إذا أعتقه أو قتله ; لأن المحل فيهما تلفت ماليته فلم يمكن تسليمه فلم يجب أكثر من قيمته والمحل باق وهاهنا يمكن تسليمه وبيعه . وإن أراد المكاتب فداء نفسه قبل تعجيزه أو عتقه ففيه روايتان : أحدهما يفدي نفسه بأقل الأمرين . والثاني بأرش الجنايات بالغة ما بلغت ; لأن محل الأرش قائم غير تالف ويمكن تعجيز نفسه في كل جناية يباع فيها فأشبه ما لو عجزه سيده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية