الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8823 ) فصل : فإن اتفقا على الزيادة في الأجل والدين ، مثل أن يكاتبه على ألف ، في نجمين ، إلى سنة ، يؤدي في نصفها خمسمائة ، وفي آخرها الباقي ، فيجعلانها إلى سنتين بألف ومائتين ، في كل سنة ستمائة ، أو مثل أن يحل عليه نجم ، فيقول : أخرني به إلى كذا ، وأزيدك كذا . فيحتمل أنه لا يجوز ; لأن الدين المؤجل إلى وقت ، لا يتأخر أجله عن وقته باتفاقهما عليه ، ولا يتغير أجله بتغييره ، وإذا لم يتأخر عن وقته ، لم تصح الزيادة التي في مقابلته ، ولأن هذا يشبه ربا الجاهلية المحرم ، وهو الزيادة في الدين للزيادة في الأجل ، ويفارق المسألة الأولى من هذين الوجهين . فإن قيل : فكما أن الأجل لا يتأخر ، كذلك لا يتعجل ، ولا يصير الدين المؤجل حالا ، فلم جاز في المسألة الأولى ؟ قلنا : إنما جاز في المسألة الأولى بالتعجيل فعلا ، فإنه إذا دفع إليه الدين المؤجل قبل محله ، جاز ، وجاز للسيد إسقاط باقي حقه عليه ، وفي هذه المسألة يأخذ أكثر مما وقع عليه العقد ، فهو ضد المسألة الأولى ، وهو ممتنع من وجه آخر ; لأن في ضمن الكتابة أنك متى أديت إلي كذا ، فأنت حر .

                                                                                                                                            فإذا أدى إليه ذلك ، فينبغي أن يعتق ، فإن قيل : فإذا غير الأجل والعوض فكأنهما فسخا الكتابة الأولى ، وجعلاها كتابة ثانية . قلنا : لم يجز بينهما فسخ ، وإنما قصدا تغيير العوض والأجل ، على وجه لا يصح ، فيبطل التغيير ويبطل العقد بحاله . ويحتمل أن يصح ذلك كما في المسألة الأولى . فعلى هذا ، لو اتفقا على ذلك . ثم رجع أحدهما فإن له الرجوع . وكذلك في المسألة الأولى ، لو قال : أعجل لك مال الكتابة ، وتسقط عني منه كذا ؟ فقال : نعم . ثم رجع أحدهما قبل التعجيل ، فله الرجوع ; لما ذكرنا من أن الدين المؤجل لا يتأخر عن أجله ولا يتقدم ، وإنما له أن يؤديه قبل محله ، ولمن له الدين ترك قبضه في محله ، وذلك إلى اختياره ، فإذا وعد به ثم رجع قبل الفعل ، فله ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية