الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه قال كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          378 378 - ( مالك عن أبي حازم ) بمهملة وزاي سلمة ( بن دينار ) المدني الثقة ( عن سهل بن سعد ) بسكون الهاء والعين ابن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي الصحابي ابن الصحابي ، مات سنة ثمان وثمانين وقيل بعدها وقد جاوز المائة .

                                                                                                          ( أنه قال : كان الناس يؤمرون ) قال الحافظ : هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم ( أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ) أبهم موضعه من الذراع .

                                                                                                          وفي حديث وائل عند أبي داود والنسائي : " ثم وضع صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ من الساعد " وصححه ابن خزيمة وغيره ، وأصله في مسلم والرسغ بضم الراء وسكون المهملة ومعجمة هو المفصل بين الساعد والكف ولم يذكر أيضا محلهما من الجسد .

                                                                                                          ولابن خزيمة عن وائل : " أنه صلى الله عليه وسلم وضعهما على صدره " وللبزار : ثم صدره وفي [ ص: 549 ] زيادات المسند من حديث علي أنه وضعهما تحت السرة وإسناده ضعيف .

                                                                                                          ( قال أبو حازم لا أعلم إلا أنه ) أي سهلا ( ينمي ذلك ) بفتح أوله وسكون النون وكسر الميم أي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          وحكي في المطالع أن القعنبي رواه بضم أوله من أنمى قال : وهو غلط ، ورد بأن الزجاج وابن دريد وغيرهما حكوا نميت الحديث وأنميته ، ومع ذلك فالذي ضبطناه في البخاري بفتح أوله من الثلاثي فلعل الضم رواية القعنبي في الموطأ .

                                                                                                          قال أهل اللغة : يقال نميت الحديث رفعته وأسندته .

                                                                                                          وصرح معن بن عيسى وعبد الله بن يوسف وابن وهب ثلاثتهم عن مالك ثم الدارقطني بلفظ يرفع ذلك .

                                                                                                          ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي ينمي فمراده يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يقيد .

                                                                                                          واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال : هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم ، ورد بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلم . . . . إلخ ، لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع ، ومثله قول عائشة : " كنا نؤمر بقضاء الصوم " فإنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل ، قيل : لو كان مرفوعا ما احتاج أبو حازم إلى قوله لا أعلم . . إلخ .

                                                                                                          وجوابه أنه أراد الانتقال إلى التصريح ، فالأول لا يقال له مرفوع وإنما يقال له حكم الرفع ، وقد ورد ما يستأنس به على تعيين الآمر والمأمور ، ففي سنن أبي داود والنسائي وصحيح ابن السكن بإسناد حسن عن ابن مسعود قال : " رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعا يدي اليسرى على اليمنى فنزعها ووضع اليمنى على اليسرى " انتهى .

                                                                                                          وقال ابن عبد البر : رواه عمار بن مطرف عن مالك عن أبي حازم عن سهل قال : أمرنا أن نضع اليمنى على الذراع اليسرى في الصلاة انتهى .

                                                                                                          وحديث الباب رواه البخاري عن القعنبي عن مالك به ثم قال : وقال إسماعيل : ينمي ذلك ولم يقل ينمي أي قاله إسماعيل بن أويس بضم أوله وفتح الميم بلفظ المجهول ، فعليه الهاء ضمير الشأن فيكون مرسلا ؛ لأن أبا حازم لم يعين من نماه له ، وعلى رواية غيره بفتح أوله وكسر الميم يكون متصلا لأن الضمير لسهل شيخه كما تقدم .




                                                                                                          الخدمات العلمية