الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

فأما يرد أبو إدريس ، فإنه عاش تسعمائة سنة .

وروى أبو صالح ، عن ابن عباس ، قال: في زمان يرد عبدت الأصنام .

أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ ، أخبرنا أبو الحسن بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة ، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري ، حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنبري ، حدثنا أبو الحسن علي بن الصباح بن الفرات ، أخبرنا هشام بن السائب الكلبي ، قال: أخبرني أبي ، قال: أول ما عبدت الأصنام أن آدم عليه [ ص: 232 ] السلام لما مات جعله بنو شيث في مغارة في الجبل الذي أهبط عليه بأرض الهند ، ويقال للجبل نود .

وقال هشام : وأخبرني أبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال: فكان بنو شيث يأتون جنب آدم في المغارة فيعظمونه ويترحمون عليه ، فقال رجل من بني قابيل : إن لبني شيث دوارا يدورون حوله ويعظمونه وليس لكم شيء فنحت لهم صنما فكان أول من عملها .

وأخبرني أبي ، قال: كان ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، قوما صالحين ، فماتوا في شهر فجزع عليهم أهاليهم وأقاربهم ، فقال رجل من بني قابيل : يا قوم هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم ، غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحا ، قالوا: نعم ، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم ، وكان الرجل يأتي أخاه وعمه وابن عمه ليعظمه ويسعى حوله حتى ذهب ذلك القرن الأول ، وعملت على عهد يرد بن مهلائيل ، ثم جاء قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم القرن الأول ، ثم جاء من بعدهم القرن الثالث ، فقالوا: ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله ، فعبدوهم وعظم أمرهم واشتد كفرهم ، فبعث الله إليهم إدريس ، فدعاهم ، ولم يزل أمرهم يشتد حتى بعث نوحا وجاء الطوفان ، فأهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة .

والصحيح أن هذه الأصنام الخمسة عملت بعد نوح على ما سنذكره ، فيجوز أن يكونوا عملوها اتباعا لفعل قدمائهم . [ ص: 233 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية