الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب القصاص من السن

                                                                      4595 حدثنا مسدد حدثنا المعتمر عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كسرت الربيع أخت أنس بن النضر ثنية امرأة فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بكتاب الله القصاص فقال أنس بن النضر والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها اليوم قال يا أنس كتاب الله القصاص فرضوا بأرش أخذوه فعجب نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره قال أبو داود سمعت أحمد بن حنبل قيل له كيف يقتص من السن قال تبرد [ ص: 260 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 260 ] ( كسرت الربيع ) : بضم راء وفتح موحدة وتشديد تحتية مكسورة هي عمة أنس بن مالك ( أخت أنس بن النضر ) : بدل من الربيع وهو عم أنس بن مالك ( فقضى بكتاب الله القصاص ) : بالجر بدل من كتاب الله وبالنصب على المفعولية ( لا تكسر ) : بصيغة المجهول ( ثنيتها ) : أي ثنية الربيع ، ولم يرد أنس الرد على النبي صلى الله عليه وسلم والإنكار بحكمه وإنما قاله توقعا ورجاء من فضله تعالى أن يرضي خصمها ويلقي في قلبه أن يعفو عنها ابتغاء مرضاته ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رضي القوم بالأرش ما قال ( قال يا أنس ) : أي ابن النضر ( كتاب الله القصاص ) : الأشهر فيهما الرفع على أن كتاب الله مبتدأ والقصاص خبره .

                                                                      قال الخطابي : معناه فرض الله الذي فرضه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزله من وحيه وتكلم به . وقال بعضهم : أراد به قوله عز وجل وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس إلى قوله والسن بالسن : وهذا على قول من يقول : إن شرائع الأنبياء لازمة لنا . وقيل إشارة إلى قوله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به : إلى قوله سبحانه والجروح قصاص : انتهى مختصرا ( فرضوا ) : أي أولياء المرأة المجني عليها ( بأرش ) : بفتح الهمزة أي بالدية ( لأبره ) : أي جعله بارا في يمينه لا حانثا ( قال تبرد ) : بصيغة المجهول . قال في شرح القاموس : وبرد الحديد بالمبرد ونحوه من الجواهر يبرده بردا سحله ، والبرادة بالضم السحالة . وفي الصحاح البرادة ما سقط منه والمبرد كمنبر ما برد به وهو السوهان بالفارسية [ ص: 261 ] انتهى .

                                                                      والحديث يدل على وجوب القصاص في السن ، وظاهره وجوب القصاص ولو كان ذلك كسرا لا قلعا ولكن بشرط أن يعرف مقدار المكسور ، ويمكن أخذ مثله من سن الكافر فيكون الاقتصاص بأن تبرد سن الجاني إلى الحد الذاهب من سن المجني عليه كما قال أحمد بن حنبل كذا في النيل .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والنسائي وابن ماجه . والربيع بضم الراء المهملة وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف وكسرها وبعدها عين مهملة ، وكذا وقع في لفظ أبي داود والبخاري والنسائي وابن ماجه ( كسرت الربيع ) : وفي صحيح مسلم وسنن النسائي من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنسانا . ورجح بعضهم الأول .




                                                                      الخدمات العلمية