الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3606 436 \ 3460 - وعن ابن عباس قال خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجد الجام بمكة فقالوا اشتريناه من تميم وعدي فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبهم قال فنزلت فيهم يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت الآية

                                                              وأخرجه الترمذي وقال: حسن غريب.

                                                              وأخرجه البخاري فقال: وقال لي علي بن عبد الله- يعني ابن المديني-: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.

                                                              قيل: وهذا يدل على أنه ليس من شرطه، وهذه عادته فيما ليس من شرطه أن [ ص: 558 ] لا يصرح بالتحديث بل يقول: "قال لي " ونحوه.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وهذا تعليق فاسد فإن البخاري رواه في صحيحه مسندا متصلا.

                                                              وقوله " قال لي " طريق من طرق الرواية ليس بموجب لتعليل الإسناد فالتعليل به عنت.

                                                              وقال علي بن المديني: هذا حديث حسن، ولا أعرف ابن أبي القاسم.

                                                              وقال غيره: هو محمد بن أبي القاسم الطويل، قال يحيى بن معين: ثقة، كتبت عنه.

                                                              وقد تأول قوم الآية تأويلات باطلة.

                                                              فمنهم من قال: كلها في المسلمين، وقوله أو آخران من غيركم يعني من غير قبيلتكم

                                                              وهذا باطل فإن الله افتتح الخطاب: يا أيها الذين آمنوا ثم قال أو آخران من غيركم ومعلوم أن غير المؤمنين هم الكفار، ولم يخاطب الله سبحانه بهذه الآية قبيلة دون قبيلة، بل الخطاب بها على عادة خطاب القرآن لعموم المؤمنين.

                                                              وحديث ابن عباس صريح في المراد بها، وأن الشهود من أهل الكتاب [ ص: 559 ] وقال بعضهم: " الشهادة " هنا بمعنى الحضور، لا الإخبار، وهذا إخراج للكلام عن الفائدة، وحمله على خلاف مراده، والسياق يبطل هذا التأويل المستنكر.

                                                              وقال بعضهم: " الشهادة " هنا بمعنى اليمين، وظاهر السياق، بل صريحه: يشهد بأنها شهادة صريحة، مؤكدة باليمين، فلا يجوز تعطيل وصف الشهادة.

                                                              وقال بعضهم: الآية منسوخة، وهذه دعوى باطلة، فإن المائدة من آخر القرآن نزولا، ولم يجئ بعدها ما ينسخها، فلو قدر نص يعارض هذا من كل وجه لكان منسوخا بآية المائدة.

                                                              وقال بعضهم: هذه الآية ترك العمل بها إجماعا، وهذه مجازفة، وقول بلا علم، فالخلاف فيها أشهر من أن يخفى، وهي مذهب كثير من السلف، وحكم بها أبو موسى الأشعري وذهب إليها الإمام أحمد.




                                                              الخدمات العلمية