الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ليتخذ بعضهم بعضا سخريا أي : ليكون بعضهم لبعض خولا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولولا أن يكون الناس أمة واحدة الآية : قال الحسن : المعنى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 63 ] لولا أن يكفر الناس جميعا ؛ بسبب ميلهم إلى الدنيا ، وتركهم الآخرة ؛ لأعطينا الكافرين في الدنيا ما وصفناه ؛ لهوان الدنيا عند الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي : المعنى : لولا إرادتنا أن يكون في الكفار غني وفقير ، وفي المسلمين مثل ذلك ؛ لأعطينا الكفار من الدنيا هذا ؛ لهوانها .

                                                                                                                                                                                                                                      واستدل بعض العلماء بهذه الآية على أن السقف لا حق فيه لرب العلو ؛ لأن الله تعالى جعل السقوف للبيوت ؛ كما جعل الأبواب لها ، وهذا مذهب مالك رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      و (المعارج ) : الدرج ، ومعنى {يظهرون} : يصعدون ، وواحد (المعارج ) : (معرج ) ، ومن قال : (المعاريج ) ؛ فهو جمع (معراج ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولبيوتهم أبوابا وسررا أي : من فضة .

                                                                                                                                                                                                                                      {وزخرفا} : (الزخرف ) ههنا : الذهب ، عن ابن عباس وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 64 ] [وقيل : المعنى : وجعلنا لهم زخرفا ؛ أي : غنى ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : لجعلنا لهم سقفا ، وأبوابا ، وسررا ، من فضة وزخرف ، فنصب بحذف الجار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومن يعش عن ذكر الرحمن أي : يعرض عنه ، عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة : تظلم عينه ، (عشي يعشى ) ؛ إذا صار أعشى ، و (عشا يعشو ) ؛ إذا لحقه ما يلحق الأعشى ، وأصل الياء في (عشي ) واو ؛ ولذلك كتب (العشا ) بالألف ، وقيل : (عشواء ) .

                                                                                                                                                                                                                                      نقيض له شيطانا أي : نسبب له شيطانا ؛ جزاء له على كفره ، وفي الخبر : «أن الكافر إذا خرج من قبره ؛ شفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخلا النار ، وأن المؤمن يشفع بملك حتى يقضي الله بين خلقه » .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 65 ] وقوله : وإنهم ليصدونهم عن السبيل أي : وإن الشياطين ليصدون الكفار عن سبيل الهدى ، ويحسبون أنهم مهتدون ؛ أي : ويحسب الكفار أن الشياطين مهتدون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن الضميرين جميعا للكفار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : حتى إذا جاءنا يعني : الكافر وقرينه ، في من قرأ بالتثنية ، ومن أفرد ؛ فعلى أنه الكافر ، والمراد : هما جميعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين يعني : المشرق والمغرب ؛ كما يقال : (القمران ) ، و (العمران ) ، وقيل : أراد : مشرق الشتاء ، ومشرق الصيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون : أعلم الله تعالى أنه منع أهل النار التأسي ، كما يتأسى أهل المصائب بعضهم ببعض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون : قال الحسن : هي في أهل الإسلام ؛ يريد : ما كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن .

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : المراد بها : أهل الشرك من قوم النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن قوله أو نرينك الذي وعدناهم يرجع إلى قوله : والآخرة عند ربك للمتقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم يعني : الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وإنه لذكر لك ولقومك أي : شرف ، وقيل : تذكرة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 66 ] وسوف تسألون أي : تسألون عما عملتم فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : تسألون عن الشكر عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا : قال ابن زيد : أي : سلهم إذا لقيتهم ليلة الإسراء ، فلقيهم ، وكان أشد يقينا بأن الله تعالى لم يأمرهم بعبادة غيره من أن يسألهم ؛ فـ {من} التي قبل {رسلنا} على هذا القول- غير زائدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي : أن في قراءة ابن مسعود : {واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا} ؛ فـ {من} على هذا زائدة ، وهو قول مجاهد والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : سلنا يا محمد عن الأنبياء الذين أرسلنا قبلك ، فحذفت (عن ) ، والوقف على {رسلنا} على هذا تام ، والاستفهام بعده معناه : الإنكار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : واسأل تباع من أرسلنا من قبلك من رسلنا ، فحذف المضاف ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد أمته .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 67 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية