الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( شهدا على رجل بقتله خطأ وحكم بالدية ) على العاقلة ( فجاء المشهود بقتله حيا [ ص: 572 ] ضمن العاقلة الولي ) لقبضه الدية بلا حق ( أو الشهود ورجعوا ) أي الشهود ( عليه ) على الولي لتملكهم المضمون الذي في يد الولي ( و ) الشهادة على القتل ( العمد ) في هذا الحكم ( كالخطأ ) فإذا جاء حيا يخير الورثة بين تضمين الولي الدية أو الشهود ( إلا في الرجوع ) فلا رجوع للشهود على الولي لأنهم أوجبوا له القود ، وهو ليس بمال وقالا يرجعون كالخطأ ( ولو شهدا على إقراره ) أي إقرار القاتل بالخطأ أو العمد ثم جاء حيا ( أو شهدا على شهادة غيرهما في الخطإ ) وقضى بالدية على العاقلة ثم جاء حيا ( لم يضمنا ) إذ لم يظهر كذبهما في شهادتهما ( وضمن الولي الدية ) في الصورتين ( للعاقلة ) إذ ظهر أنه أخذها منهم بغير حق ( والمعتبر حالة الرمي ) في حق الحل والضمان ( لا الوصول ) وحينئذ ( فتجب الدية ) في ماله وسقط القود للشبهة ( بردة المرمي إليه قبل الوصول ) وقالا لا شيء عليه ( لا ) تجب دية المرمي إليه ( بإسلامه ) بالإجماع ( و ) تجب ( القيمة بعتقه ) بعد الرمي قبل الإصابة ( و ) يجب ( الجزاء على محرم رمى صيدا فحل ) فوصل لا على حلال رماه فأحرم [ ص: 573 ] فوصل ولا يضمن من رمى مقضيا عليه برجم فرجع شاهده فوصل وحل صيد رماه مسلم فتمجس فوصل لا يحل ( ما رماه مجوسي فأسلم فوصل ) لما عرفت أن المعتبر حالة الرمي .

[ لغز ] أي جان لو مات مجنيه فعليه نصف الدية ولو عاش فالدية ؟ فقل ختان قطع الحشفة بإذن أبيه . أي إنسان بقطع أذنه يجب نصف الدية وبقطع رأسه نصف عشرها ؟ فقل جنين خرج رأسه فقطعه ففيه الغرة .

أي شيء يجب بإتلافه دية وثلاثة أخماسها ؟ فقل دية لأسنانه أشباه ، والله تعالى أعلم بالصواب .

التالي السابق


( قوله شهدا على رجلين بقتله خطأ ) أي بأنه قتل آخر خطأ . [ ص: 572 ] واعلم أن هذه المسائل من هنا إلى قوله : والمعتبر حالة الرمي ذكرها صاحب الدرر وأصلها مذكور في الفصل الرابع والعشرين من التتارخانية عن محمد في الجامع الكبير ( قوله ضمن العاقلة الولي ) ولا يرجع الولي على أحد تتارخانية ( قوله أو الشهود ) ; لأن المال تلف بشهادتهم درر ( قوله لتملكهم المضمون إلخ ) عبارة الدرر ; لأنهم ملكوا المضمون وهو ما في يد الولي كالغاصب مع غاصب الغاصب ( قوله والشهادة على القتل العمد إلخ ) أي إذا شهدوا بالقتل عمدا واقتص من القاتل ، ثم جاء المشهود بقتله حيا لا قصاص على واحد منهم ، ولكن ورثة القاتل بالخيار فإن ضمنوا الولي لا يرجع على أحد ، وإن ضمنوا الشهود لا يرجعون بذلك على الولي عنده وعندهما يرجعون تتارخانية ( قوله أي إقرار القاتل بالخطأ أو العمد ) أي وقضى عليه بالدية في ماله في صورة الخطأ ; لأن العاقلة لا تعقل الإقرار ، والقصاص في صورة العمد تأمل .

( قوله في الخطأ ) قيد به ; لأن الشهادة على الشهادة لا تقبل في القود كالحد كما صرحوا به فافهم ( قوله ثم جاء ) أي المشهود على الإقرار بقتله ( قوله إذا لم يظهر كذبهما ) ; لأنهما لم يشهدوا بقتله بل شهدا على إقرار القاتل به ، فالظاهر أنه أقر كاذبا وفي الثانية شهدا على شهادة الأصول لا على نفس القتل ( قوله وضمن الولي الدية في الصورتين ) أي في الشهادة على إقراره وفي الشهادة على الشهادة فيرد الولي ما قبضه ، لكن في الشهادة على الإقرار بالقتل عمدا لم يقبض شيئا ; لأن موجبها القود ولعل المراد أن الولي إذا اقتص من المقر يضمن ديته لأوليائه لظهور أن لا حق له في القصاص بعد مجيء المقتص لأجله حيا تأمل ( قوله للعاقلة ) كذا في الدرر وفيه نظر ; لأن العاقلة لا تعقل إقرارا ولا عمدا بل ضمانه للعاقلة مقصور على الصورة الثانية ; لأن الدية قضى بها عليهم كما مر وعبارة التتارخانية عن الجامع لا غبار عليها ، حيث قال : ولو كانت الشهادة في الخطإ أو في العمد على إقرار القاتل والمسألة بحالها ، فلا ضمان على الشهود ، وإنما الضمان على الولي في الفصلين جميعا ، وكذا لو شهدا على شهادة شاهدين على قتل الخطإ وقضى القاضي بالدية على العاقلة وباقي المسألة بحالها لا ضمان على الفروع ولكن يرد الولي الدية على العاقلة ا هـ وأراد بباقي المسألة أن المشهود بقتله جاء حيا ( قوله والمعتبر حالة الرمي ) ; لأن الضمان بفعله وهو الرمي إذ لا فعل منه بعده فتعتبر حالة الرمي والمرمي إليه فيها متقوم هداية ( قوله في حق الحل والضمان ) أراد بالحل الخروج عن إحرام الحج كما تجيء مسألته عزمية .

( قوله للشبهة ) أي شبهة سقوط العصمة حال الوصول ( قوله بردة المرمي إليه ) أي فيما إذا رمى مسلما فارتد المرمي إليه والعياذ بالله تعالى ثم وقع به السهم ( قوله وقالا لا شيء عليه ) ; لأن التلف حصل في محل لا عصمة له منح ( قوله وتجب القيمة بعتقه إلخ ) والقياس القصاص لكن سقط للشبهة فإنه يجب للمولى لو اعتبر الرمي ، وللعبد ثم ينتقل إلى وارثه لو اعتبر الوصول ، فأورث شبهة دارئة للقصاص شرح المجمع لمصنفه ، فتقييد القهستاني القتل هنا بالخطأ محل نظر أفاده أبو السعود [ ص: 573 ] قوله فوصل ) أي السهم المرمي ( قوله ولا يضمن إلخ ) ; لأنه حال الرمي مباح الدم ، وإنما الضمان على الراجع ، فيضمن الربع لو واحدا ولو كلهم فكل الدية أبو السعود ( قوله فرجع شاهده ) الإضافة للجنس ; لأنها تأتي لما تأتي له الألف واللام فيشمل رجوع واحد من الأربعة أو الكل ( قوله أي جان إلخ ) يأتي بيانه قبيل القسامة ( قوله بإذن أبيه ) متعلق بختان لا بقطع ، إذ لا يعتبر إذنه في قطع الحشفة ; لأنه لا يملكه رحمتي .

( قوله جنين خرج رأسه ) أي فقطعه كما هو موجود في بعض النسخ ، ففيه الغرة أي خمسمائة درهم نصف عشر الدية ، وعبارة الأشباه : خرج رأسه فقطع أذنه ولم يمت ففيه نصف الدية وإن قطع رأسه ففيه الغرة ا هـ . واعلم أن هذا كله إذا استهل ولم يخرج نصفه مع الرأس أو الأكثر مع القدمين ، فإن استهل وخرج منه ذلك ففيه القود في القتل والقطع كما قدمناه أول الجنايات عن المجتبى والتتارخانية ( قوله فقل دية الأسنان ) سيأتي بيانه قريبا وهذا من لطافاته حيث يدخل على كل كتاب بمسألة تناسبه غالبا ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية