الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 10 ] [ سنن الوضوء ]

وسنن الوضوء : غسل اليدين إلى الرسغين ثلاثا قبل إدخالهما في الإناء لمن استيقظ من نومه ، وتسمية الله تعالى في ابتدائه ، والسواك ، والمضمضة ، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا ، ومسح جميع الرأس والأذنين بماء واحد ( ف ) ، وتخليل اللحية . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . والأصابع ، وتثليث الغسل . ويستحب في الوضوء النية ( ف ) والترتيب والتيامن ومسح الرقبة .

التالي السابق


قال : ( وسنن الوضوء : غسل اليدين إلى الرسغين ثلاثا قبل إدخالهما في الإناء لمن استيقظ من نومه ) لحديث المستيقظ ، ثم قيل إن كان الإناء صغيرا يرفعه بيده اليسرى ويصب على اليمنى ، ثم باليمنى فيصب على اليسرى ، لتقع البداءة باليمنى كما هو السنة ، وإن كان الإناء كبيرا يدخل أصابع يده اليسرى مضمومة دون الكف ، ويأخذ الماء فيغسل يديه لوقوع الكفاية بذلك ، ولا يكتفي بدون ذلك في العادة .

[ ص: 11 ] قال : ( تسمية الله تعالى في ابتدائه ) لمواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليها . وقال عليه الصلاة والسلام : " من توضأ وذكر اسم الله تعالى كان طهورا لجميع بدنه ، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لما أصاب الماء " .

قال : ( والسواك ) لأنه - صلى الله عليه وسلم - واظب عليه وقال : " أوصاني خليلي جبريل بالسواك " قالوا : والأصح أنه مستحب .

قال : ( والمضمضة والاستنشاق ثلاثا ثلاثا ) يأخذ لكل مرة ماء جديدا لمواظبته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك كذلك .

قال : ( ومسح جميع الرأس والأذنين بماء واحد ) لما روي : " أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح بجميع رأسه " ، وقد تقدم أنه مسح بناصيته ، فيكون فرضا ، ويكون مسح الجميع سنة . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " الأذنان من الرأس " والمراد بيان الحكم دون الخلقة .

قال : ( وتخليل اللحية ) لما روي : " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ شبك أصابعه في لحيته كأنها أسنان المشط " وقيل هو سنة عند أبي يوسف جائز عندهما ; لأن السنة إكمال الفرض في محله وباطن اللحية لم يبق محلا للفرض .

[ ص: 12 ] قال : ( و ) تخليل ( الأصابع ) لأنه إكمال الفرض في محله ، ولقوله : عليه الصلاة والسلام : " خللوا أصابعكم قبل أن تتخللها نار جهنم " قال : ( وتثليث الغسل ) فالواحدة فرض ، والثانية سنة ، والثالثة دونها في الفضيلة ، وقيل : الثانية سنة ، والثالثة إكمال السنة ، وأصله الحديث المشهور : ( أنه عليه الصلاة والسلام توضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ) . وما روي أن عثمان - رضي الله عنه - توضأ بالمقاعد فغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ، ومسح برأسه مرة واحدة ، وغسل رجليه ثلاثا وقال : هكذا توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

قال : ( ويستحب في الوضوء النية والترتيب ) ليقع قربة وليخرج عن عهدة الفرض بالإجماع ، وكذا يستحب الموالاة ، وهو أن لا يشتغل بين أفعال الوضوء بغيرها ، وليس ذلك بفرض لقوله تعالى : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) الآية من غير اشتراطها ، ولأنه ذكر بحرف الواو ، وإنها للجمع بإجماع أئمة النحو واللغة نقلا عن السيرافي ، والزيادة على النص نسخ ، ولا يجوز نسخ الكتاب بالخبر لأنه راجح ، وقيل إنهما سنتان وهو الأصح لمواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليهما .

( والتيامن ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " إن الله يحب التيامن في كل شيء حتى التنعل والترجل " .

( ومسح الرقبة ) قيل سنة ، وقيل مستحب .

[ ص: 13 ] ويكره أن يستعين في وضوئه بغيره إلا عند العجز ليكون أعظم لثوابه وأخلص لعبادته ويصلي بوضوء واحد ما شاء من الفرائض والنوافل ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الخندق أربع صلوات بوضوء واحد .




الخدمات العلمية