الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1020 ) مسألة : قال : ( ويصلي على الجنازة ) أما الصلاة على الجنازة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد العصر حتى تميل للغروب ، فلا خلاف فيه ، قال ابن المنذر : إجماع المسلمين في الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح ، وأما الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر فلا يجوز . ذكرها القاضي ، وغيره . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس ؟ قال : أما حين تطلع فما يعجبني . ثم ذكر حديث عقبة بن عامر . وقد روي عن جابر ، وابن عمر نحو هذا القول ، وذكره مالك في " الموطأ " عن ابن عمر .

                                                                                                                                            وقال الخطابي : هذا قول أكثر أهل العلم . وقال أبو الخطاب ، عن أحمد ، رواية أخرى : إن الصلاة على الجنازة تجوز في جميع أوقات النهي . وهذا [ ص: 426 ] مذهب الشافعي ; لأنها صلاة تباح بعد الصبح والعصر ، فأبيحت في سائر الأوقات ، كالفرائض . ولنا ، قول عقبة بن عامر : { ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن ، وأن نقبر فيهن موتانا } . وذكره للصلاة مقرونا بالدفن دليل على إرادة صلاة الجنازة .

                                                                                                                                            ولأنها صلاة من غير الصلوات الخمس ، فلم يجز فعلها في هذه الأوقات الثلاثة ، كالنوافل المطلقة ، وإنما أبيحت بعد الصبح والعصر لأن مدتهما تطول ، فالانتظار يخاف منه عليها ، وهذه مدتها تقصر ، وأما الفرائض فلا يقاس عليها ; لأنها آكد ، ولا يصح قياس هذه الأوقات الثلاثة على الوقتين الآخرين ، لأن النهي فيها آكد ، وزمنها أقصر ، فلا يخاف على الميت فيها ، ولأنه نهي عن الدفن فيها ، والصلاة المقرونة بالدفن تتناول صلاة الجنازة ، وتمنعها القرينة من الخروج بالتخصيص ، بخلاف الوقتين الآخرين . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية