الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4772 حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود الطيالسي وسليمان بن داود يعني أبا أيوب الهاشمي عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( من قتل دون ماله ) قال العلقمي أي من قاتل الصائل على ماله حيوانا كان أو غير فقتل في المدافعة فهو شهيد أي في حكم الآخرة لا في الدنيا أي له ثواب شهيد ( ومن قتل دون أهله ) أي في الدفع عن بضع حليلته أو قريبته ( أو دون دمه ) قال العلقمي : أي في نصرة دين الله تعالى والذب عنه وفي قتال المرتدين عن الدين قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح انتهى .

                                                                      [ ص: 102 ] آخر كتاب السنة

                                                                      هذه العبارة قد وقعت في عامة النسخ الحاضرة ، وكذا في نسخة المنذري وقد وجد في النسختين من السنن بعد قوله آخر كتاب السنة وقبل قوله كتاب الأدب ثلاثة أحاديث وبعض العبارات في حق بعض الرواة . الأول : أثر الحجاج في حق عثمان - رضي الله عنه - الذي تقدم في باب الخلفاء . الثاني : حديث معاوية مرفوعا اشفعوا . والثالث : حديث أبي موسى مرفوعا ، وهذان الحديثان يأتيان في كتاب الأدب في باب الشفاعة ، وإني تركتها لأجل التكرار ، وهي مع كونها مكررة ليس لها ربط وتعلق في هذا المحل وكذا لم توجد في مختصرة المنذري . [ ص: 103 ] وأما بعض العبارات المذكورة فهي أيضا غير مربوطة بما قبلها ، لكن أثبتناها لتكميل الفائدة ، والعبارة المذكورة هي قوله ( قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ) في حق همام بن يحيى البصري ( قال عفان ) يعني ابن مسلم الأنصاري البصري ( كان يحيى ) بن سعيد القطان الإمام الحافظ ( لا يحدث عن همام ) بن يحيى الأزدي البصري لأن في حفظه شيئا وإن كان أحد علماء البصرة ومن ثقاتها كما قال أبو حاتم : إنه ثقة في حفظه شيء وكان يحيى بن سعيد القطان لا يركن إلى حفظه ولا إلى كتابه ولا يحدث عنه أولا ( فلما قدم معاذ بن هشام الدستوائي البصري إلى البصرة ( وافق أي معاذ بن هشام ( هماما في أحاديث كان يرويها وكان يحيى بن سعيد القطان ينكرها عليه أولا ثم ( كان يحيى ) بن سعيد القطان لما رأى موافقة معاذ بن هشام لهمام في تلك الأحاديث ( ربما قال بعد ذلك ) أي بعد أن عرف موافقة معاذ بن هشام له فيها ( كيف قال همام في هذا ) أي فيما روى أولا من الأحاديث عن همام أي فإني الآن علمت صحتها وقبولها لاعتضادها بموافقة معاذ بن هشام له فيها . والمعنى أن يحيى بن سعيد القطان أولا كان ينكر على همام أحاديثه ولا يقبلها ، فلما قدم معاذ البصرة ورأى أن معاذا روى الأحاديث التي كان ينكرها عليه ولا يقبلها فوافق هماما على رواية هذه الأحاديث ورجع عن الإنكار على همام وصار يسأل عن أحاديثه ويقبلها . وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري ( سمعت أحمد يقول سماع هؤلاء ) الرواة يعني ( عفان بن مسلم ( وأصحابه أي الآخذين مثله ( من همام [ ص: 104 ] بن يحيى ( أصلح أي أصح ( من سماع عبد الرحمن بن مهدي ، وليس المراد أن عفان أوثق وأحفظ لرواية همام من عبد الرحمن بن مهدي ، بل المراد أن سماع ابن مهدي منه قديما وعفان وأصحابه سمعوا منه أخيرا ، وهمام كان أولا يحدث من حفظه فيخطئ ولا يراجع كتبه ثم ( كان يتعاهد كتبه بعد ذلك ) أي بعد أن تركها أولا وكان لا يراجعها فكان سوء حفظه لعدم مراجعة كتبه; لأنه لم يكن حافظا حفظ صدر والقوم كانوا يتفاوتون في الحفظ ، فمن كان حفظه حفظ صدر حفظا ثابتا قائما فهو في الدرجة العليا ، ويليهم في الدرجة بعدهم من كان يراجع كتبه . ( قال أبو داود ) سمعت علي بن عبد الله يقول في ذكر أصحاب قتادة ( أعلمهم بإعادة ما يسمع ) من قتادة ( مما لم يسمع ) منه ( شعبة ) وعبارة الحافظ في المقدمة وكان شعبة أعلمهم بما سمع من قتادة مما لم يسمع انتهى . أي أقدر على التمييز بما سمع منه مما لم يسمع منه وأرواهم ) أي أكثرهم رواية ( هشام وأحفظهم سعيد بن أبي عروبة ) ولم يكن همام عندي بدون القوم في قتادة ذكره الحافظ ابن حجر في المقدمة تحت قول علي بن المديني المذكور آنفا ، وما ذكره الحافظ ابن حجر في المقدمة أليق بالمقام ليوافق المضمون للمضمون السابق .

                                                                      ( فقال ) الإمام أحمد متعجبا من كون علي بن المديني جعل هشاما مساويا لابن أبي عروبة فقال كيف ذكر علي بن المديني ( سعيد بن أبي عروبة في قصة هشام ) أي في حكايته من كونه مساويا لابن أبي عروبة ثم اعتذر الإمام أحمد عن علي بن المديني بأن قال ( هذا كله ) أي من يذكر المساواة بين هشام وسعيد بن أبي عروبة ليس ذلك [ ص: 105 ] من ابن المديني من قبل نفسه بل إنهم ( يحكونه ) أي ما يذكر من المساواة أي يحكيه بعضهم ( عن معاذ بن هشام ) فإنه - أي معاذ بن هشام - ساوى بينهما ، فلم يسلم الإمام أحمد تلك المساواة بينهما ، بل صرح بالفرق بينهما وأن سعيد بن أبي عروبة أعلى وأرفع من هشام فقال : ( أين كان يقع هشام من سعيد لو برز له ) أي لو قابله وناظره في علمه وحفظه ، فإنه مع ذلك يعرف فضل سعيد بن أبي عروبة وكونه أرفع مرتبة وأحفظ وأوثق من هشام ، فأين درجة هشام من سعيد بن أبي عروبة قاله شيخنا القاضي حسين بن محسن الأنصاري في بعض تعليقاته على السنن .




                                                                      الخدمات العلمية