الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو

                                                                                                                                                                                                        4351 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مفاتح الغيب خمس إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال ابن عباس : ثم لم تكن فتنتهم : معذرتهم ) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عنه ، وقال معمر عن قتادة فتنتهم مقالتهم ، قال وسمعت من يقول " معذرتهم " أخرجه عبد الرزاق ، وأخرج عبد بن حميد عن يونس عن شيبان عن قتادة في قوله : ثم لم تكن فتنتهم قال معذرتهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( معروشات ما يعرش من الكرم وغير ذلك ) كذا ثبت لغير أبي ذر ، وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله : وهو الذي أنشأ جنات معروشات قال ما يعرش من الكروم وغير معروشات ما لا يعرش ، وقيل المعروش ما يقوم على ساق ، وغير المعروش ما يبسط على وجه الأرض .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 137 ] قوله : ( حمولة : ما يحمل عليها ) وصله ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : حمولة وفرشا فأما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه ، وقال أبو عبيدة الفرش صغار الإبل التي لم تدر ولم يحمل عليها . وقال معمر عن قتادة عن الحسن : الحمولة ما حمل عليه منها ، والفرش حواشيها يعني صغارها . قال قتادة : وكان غير الحسن يقول : الحمولة الإبل والبقر والفرش الغنم ، أحسبه ذكره عن عكرمة أخرجه عبد الرزاق ، وعن ابن مسعود : الحمولة ما حمل من الإبل ، والفرش الصغار أخرجه الطبري وصححه الحاكم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وللبسنا لشبهنا ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : وللبسنا عليهم ما يلبسون يقول لشبهنا عليهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لأنذركم به أهل مكة ) هكذا رأيته في " مستخرج أبي نعيم " في هذا الموضع ، وكذا ثبت عند النسفي ، وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به يعني أهل مكة ، وقوله : ومن بلغ قال ومن بلغه هذا القرآن من الناس فهو له نذير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وينأون يتباعدون ) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله وهم ينهون عنه وينأون عنه قال يتباعدون ، وكذا قال أبو عبيد وينأون عنه أي يتباعدون عنه ، وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ، وأخرجه من وجه آخر عن ابن عباس : نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين عن أذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويتباعد عما جاء به . وصححه الحاكم من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تبسل ) تفضح وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : وذكر به أن تبسل نفس يعني أن تفضح . وروى عبد بن حميد من طريق مجاهد ( أن تبسل ) أي تسلم ، ومن طريق قتادة تحبس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أبسلوا أفضحوا ) كذا فيه من الرباعي وهي لغة ، يقال فضح وأفضح ، وروى ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا يعني فضحوا ، وقد مضى كما ترى لهذه الكلمة تفسير آخر عن غير ابن عباس ، وأنكر الإسماعيلي هذا التفسير الأول فكأنه لم يعرف أنه عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باسطو أيديهم ، البسط الضرب ) وصله ابن أبي حاتم أيضا من هذا الوجه عن ابن عباس في قوله والملائكة باسطو أيديهم قال : هذا عند الموت ، والبسط الضرب . - صلى الله عليه وسلم - ( استكثرتم أضللتم كثيرا ) وصله ابن أبي حاتم أيضا كذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مما ذرأ من الحرث جعلوا لله من ثمراتهم ومالهم نصيبا ، وللشيطان والأوثان نصيبا ) وصله ابن أبي حاتم أيضا عن ابن عباس في قوله : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا الآية قال : جعلوا لله فذكر مثله وزاد " فإن سقط من ثمرة ما جعلوا لله من نصيب الشيطان تركوه ، وإن سقط مما جعلوا للشيطان في نصيب الله لقطوه " وروي عن عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : كانوا يسمون لله جزءا من الحرث ولشركائهم جزءا ، فما ذهبت به الريح مما سموا لله إلى جزء أوثانهم تركوه وقالوا : الله غني عن [ ص: 138 ] هذا ، وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى جزء الله أخذوه . والأنعام التي سمى الله هي البحيرة والسائبة كما تقدم تفسيرها في المائدة ، وقد تقدم في أخبار الجاهلية قول ابن عباس : إن سرك أن تعلم جهل العرب فأشار إلى هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أكنة واحدها كنان ) ثبت هذا لأبي ذر عن المستملي ، وهو قول أبي عبيدة ، قال في قوله تعالى أكنة أن يفقهوه واحدها كنان أي أغطية ، ومثله أعنة وعنان وأسنة وسنان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سرمدا دائما ) كذا وقع هنا ، وليس هذا في الأنعام وإنما هو في سورة القصص ، قال أبو عبيدة في قوله تعالى قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة سرمدا أي دائما ، قال : وكل شيء لا ينقطع فهو سرمد . وقال الكرماني كأنه ذكره هنا لمناسبة قوله تعالى في هذه السورة ( وجعل الليل سكنا ) .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقرا صمم ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وفي آذانهم وقرا أي الثقل والصمم وإن كانوا يسمعون ، لكنهم صم عن الحق والهدى . وقال معمر عن قتادة في قوله : على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا قال : يسمعون بآذانهم ولا يعون منها شيئا كمثل البهيمة تسمع القول ولا تدري ما يقال لها ، وقرأ الجمهور بفتح الواو ، وقرأ طلحة بن مصرف بكسرها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأما الوقر ) أي بكسر الواو ( فإنه الحمل ) هو قول أبي عبيدة قاله متصلا بكلامه الذي قبله فقال : الوقر الحمل إذا كسرته . وأفاد الراغب الوقر حمل الحمار ، والوسق حمل الجمل ، والمعنى على قراءة الكسر أن في آذانهم شيئا يسدها عن استماع القول ثقيلا كوقر البعير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أساطير واحدها أسطورة وإسطارة وهي الترهات ) هو كلام أبي عبيدة أيضا ، قال في قوله إلا أساطير الأولين واحدها أسطورة وإسطارة ومجازها الترهات انتهى . والترهات بضم أوله وتشديد الراء أصلها بنيات الطريق ، وقيل إن تاءها منقلبة من واو وأصلها الوره وهو الحمق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( البأساء من البأس ويكون من البؤس ) هو معنى كلام أبي عبيدة ، قال في قوله تعالى فأخذناهم بالبأساء هي البأس من الخير والشر ، والبؤس انتهى . والبأس الشدة والبؤس الفقر ، وقيل البأس القتل والبؤس الضر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( جهرة معاينة ) قال أبو عبيدة في قوله : قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أي فجأة وهم لا يشعرون ، أو جهرة أي علانية وهم ينظرون .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الصور جماعة صورة كقولك سورة وسور ) بالصاد أولا وبالسين ثانيا كذا للجميع إلا في رواية أبي أحمد الجرجاني ففيها كقوله " صورة وصور " بالصاد في الموضعين ، والاختلاف في سكون الواو وفتحها ، قال أبو عبيدة في قوله تعالى ويوم ينفخ في الصور يقال إنها جمع صورة ينفخ فيها روحها فتحيا ، بمنزلة قولهم سور المدينة واحدها سورة ، قال النابغة : 206 ألم تر أن الله أعطاك سورة يرى كل ملك دونها يتذبذب انتهى .

                                                                                                                                                                                                        والثابت في الحديث أن الصور قرن ينفخ فيه ، وهو واحد لا اسم جمع ، وحكى الفراء الوجهين [ ص: 139 ] وقال في الأول : فعلى هذا فالمراد النفخ في الموتى ، وذكر الجوهري في الصحاح أن الحسن قرأها بفتح الواو ، وسبق النحاس فقال : ليست بقراءة ، وأثبتها أبو البقاء العكبري قراءة في كتابه " إعراب الشواذ " وسيأتي البحث في ذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يقال على الله حسبانه ) أي حسابه ، تقدم هذا في بدء الخلق ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى والشمس والقمر حسبانا قال : يدوران في حساب . وعن الأخفش قال : حسبان جمع حساب مثل شهبان جمع شهاب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تعالى علا ) وقع في " مستخرج أبي نعيم " تعالى الله علا الله ، وهو في رواية النسفي أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حسبانا مرامي ورجوما للشياطين ) تقدم الكلام عليه في بدء الخلق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( جن أظلم ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى فلما جن عليه الليل أي غطى عليه وأظلم ، وما جنك من شيء فهو جنان لك أي غطاء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مستقر في الصلب ومستودع في الرحم ) هكذا وقع هنا ، وقد قال معمر عن قتادة في قوله فمستقر ومستودع قال مستقر في الرحم ومستودع في الصلب ، أخرجه عبد الرزاق . وأخرج سعيد بن منصور من حديث ابن عباس مثله بإسناد صحيح وصححه الحاكم ، وقال أبو عبيدة : مستقر في صلب الأب ومستودع في رحم الأم ، وكذا أخرج عبد بن حميد من حديث محمد بن الحنفية ، وهذا موافق لما عند المصنف مخالف لما تقدم ، وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال : مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة ، وللطبراني من حديثه : المستقر الرحم والمستودع الأرض .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        قرأ أبو عمرو وابن كثير ( فمستقر ) بكسر القاف والباقون بفتحها ، وقرأ الجميع ( مستودع ) بفتح الدال إلا رواية عن أبي عمرو فبكسرها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( القنو العذق ، والاثنان قنوان ، والجماعة أيضا مثل صنو وصنوان ) كذا وقع لأبي ذر تكرير صنوان الأولى مجرورة النون والثانية مرفوعة ، وسقطت الثانية لغير أبي ذر . ويوضح المراد كلام أبي عبيدة الذي هو منقول منه ، قال أبو عبيدة في قوله تعالى ومن النخل من طلعها قنوان قال : القنو هو العذق بكسر العين يعني العنقود ، والاثنان قنوان ، والجمع قنوان كلفظ الاثنين ، إلا أن الاثنين مجرورة ونون الجمع يدخله الرفع والنصب والجر ، ولم نجد مثله غير صنو وصنوان والجمع صنوان . وحاصله أن من وقف على قنوان وصنوان وقع الاشتراك اللفظي في إرادة التثنية والجمع ، فإذا وصل ظهر الفرق ، فيقع الإعراب على النون في الجمع دون التثنية فإنها مكسورة النون خاصة ، ويقع الفرق أيضا بانقلاب الألف في التثنية حال الجر والنصب بخلافها في الجمع ، وكذا بحذف نون التثنية في الإضافة بخلاف الجمع .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        قرأ الجمهور ( قنوان ) بكسر القاف ، وقرأ الأعمش والأعرج - وهي رواية عن أبي عمرو - بضمها وهي لغة قيس ، وعن أبي عمرو رواية أيضا بفتح القاف ، وخرجها ابن جني على أنها اسم لقنو لا جمع ، وفي الشواذ قراءة أخرى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ملكوت وملك رهبوت رحموت ، وتقول ترهب خير من أن ترحم ) كذا لأبي ذر ، وفيه [ ص: 140 ] تشويش ، ولغيره ملكوت ملك ، مثل رهبوت خير من رحموت ، وتقول ترهب خير من أن ترحم ، وهذا هو الصواب . فسر معنى ملكوت بملك وأشار إلى أن وزنه رهبوت ورحموت ، ويوضحه كلام أبي عبيدة فإنه قال في قوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض أي ملك السماوات ، خرج مخرج قوله في المثل رهبوت خير من رحموت ، أي رهبة خير من رحمة ، انتهى . وقرأ الجمهور ملكوت بفتح اللام ، وقرأ أبو السماك بسكونها ، وروي عن عبد بن حميد والطبري عن عكرمة قال ملكوت السماوات والأرض ملك السماوات والأرض وهي بالنبطية " ملكوثا " أي بسكون اللام والمثلثة وزيادة ألف ، وعلى هذا فيحتمل أن تكون الكلمة معربة والأولى ما تقدم وأنها مشتقة من ملك ورد مثله في رهبوت وجبروت .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وإن تعدل تقسط لا يقبل منها في ذلك اليوم ) وقع هذا في رواية أبي ذر وحده ، وقد حكاه الطبري واستنكره ، وفسر أبو عبيدة العدل بالتوبة قال : لأن التوبة إنما تنفع في حال الحياة ، والمشهور ما روى معمر عن قتادة في قوله تعالى وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أي لو جاءت بملء الأرض ذهبا لم يقبل ، فجعله من العدل بمعنى المثل وهو ظاهر أخرجه عبد الرزاق وغيره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ، يعني هل تشمل إلا على ذكر أو أنثى ، فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا ) كذا وقع لأبي ذر هنا ، ولغيره في أوائل التفاسير وهو أصوب ، وهو إردافه على تفاسير ابن عباس ، فقد وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله ، ووقع عند كثير من الرواة " فلم تحرموا ولم تحللوا " بغير نون فيهما ، وحذف النون بغير ناصب ولا جازم لغة . وقال الفراء قوله : قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين يقول أجاءكم التحريم فيما حرمتم من السائبة والبحيرة والوصيلة والحام من قبل الذكرين أم من الأنثيين ؟ فإن قالوا من قبل الذكر لزم تحريم كل ذكر أو من قبل الأنثى فكذلك ، وإن قالوا من قبل ما اشتمل عليه الرحم لزم تحريم الجميع لأن الرحم لا يشتمل إلا على ذكر أو أنثى ، وقد تقدم في أخبار الجاهلية قول ابن عباس : إن سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ الثلاثين ومائة من سورة الأنعام ، يعني الآيات المذكورة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مسفوحا مهراقا ) وقع هذا للكشميهني ، وهو تفسير أبي عبيدة في قوله تعالى أو دما مسفوحا أي مهراقا مصبوبا ، ومنه قوله سفح الدمع أي سال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( صدف أعرض ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى ثم هم يصدفون أي يعرضون ، يقال صدف عني بوجهه أي أعرض ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : ( يصدفون ) أي يعرضون عنها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أبلسوا أويسوا ) كذا للكشميهني ، ولغيره أيسوا بغير واو ، قال أبو عبيدة في قوله تعالى فإذا هم مبلسون المبلس الحزين النادم ، قال رؤبة بن العجاج " وفي الوجوه صفرة وإبلاس " أي اكتئاب وحزن ، وقال الفراء : قوله : فإذا هم مبلسون المبلس البائس المنقطع رجاؤه ، وكذلك يقال الذي يسكت عند انقطاع حجته فلا يجيب : قد أبلس ، قال العجاج : يا صاح هل تعرف رسما دارسا قال نعم أعرفه وأبلسا وتفسير المبلس بالحزين بالبائس متقارب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أبسلوا أسلموا ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا أي أسلموا ،

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 141 ] وقوله في الآية الأخرى أن تبسل نفس أي ترتهن وتسلم ، قال عوف بن الأحوص "

                                                                                                                                                                                                        وإبسالي بني بغير جرم

                                                                                                                                                                                                        " وروى معمر عن قتادة في قوله : أن تبسل نفس قال تحبس ، قال قتادة وقال الحسن : أي تسلم أي إلى الهلاك ، أخرجه عبد الرزاق ، وقد تقدم لهذه الكلمة تفسير آخر ، والمعنى متقارب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( استهوته أضلته ) هو تفسير قتادة أخرجه عبد الرزاق ، وقال أبو عبيدة في قوله تعالى كالذي استهوته الشياطين : هو الذي تشبه له الشياطين فيتبعها حتى يهوي في الأرض فيضل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تمترون تشكون ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى ثم أنتم تمترون أي تشكون . وكذا أخرجه الطبري من طريق أسباط عن السدي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يقال على الله حسبانه ) أي حسابه ، كذا لأبي ذر ، أعاده هنا وقد تقدم قبل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : باب وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو المفاتح جمع مفتح بكسر الميم الآلة التي يفتح بها ، مثل منجل ومناجل ، وهي لغة قليلة في الآلة ، والمشهور مفتاح بإثبات الألف وجمعه مفاتيح بإثبات الياء ، وقد قرئ بها في الشواذ ، قرأ ابن السميفع ( وعنده مفاتيح الغيب ) وقيل بل هو جمع مفتح بفتح الميم وهو المكان . ويؤيده تفسير السدي فيما رواه الطبري قال : مفاتح الغيب خزائن الغيب ، وجوز الواحدي أنه جمع مفتح بفتح الميم على أنه مصدر بمعنى الفتح ، أي وعنده فتوح الغيب أي يفتح الغيب على من يشاء من عباده ، ولا يخفى بعد هذا التأويل للحديث المذكور في الباب ، وأن مفاتح الغيب لا يعلمها أحد إلا الله سبحانه وتعالى . وروى الطبري من طريق ابن مسعود قال : أعطي نبيكم - صلى الله عليه وسلم - علم كل شيء إلا مفاتح الغيب ، ويطلق المفتاح على ما كان محسوسا مما يحل غلقا كالقفل ، وعلى ما كان معنويا كما جاء في الحديث إن من الناس مفاتيح للخير الحديث صححه ابن حبان من حديث أنس ثم ذكر المصنف في الباب حديث ابن عمر " مفاتح الغيب خمس " أورده مختصرا ، وساقه في تفسير سورة لقمان مطولا ، وسيأتي شرحه هناك مستوفى إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية