الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 34 ] قال يا موسى إني اصطفيتك اخترتك . على الناس أي الموجودين في زمانك ، وهارون وإن كان نبيا كان مأمورا باتباعه ولم يكن كليما ولا صاحب شرع . برسالاتي يعني أسفار التوراة وقرأ ابن كثير ونافع « برسالتي » . وبكلامي وبتكليمي إياك . فخذ ما آتيتك أعطيتك من الرسالة . وكن من الشاكرين على النعمة فيه . روي أن سؤال الرؤية كان يوم عرفة ، وإعطاء التوراة كان يوم النحر .

                                                                                                                                                                                                                                        وكتبنا له في الألواح من كل شيء مما يحتاجون إليه من أمر الدين . موعظة وتفصيلا لكل شيء بدل من الجار والمجرور ، أي وكتبنا له كل شيء من المواعظ وتفصيل الأحكام . واختلف في أن الألواح كانت عشرة أو سبعة ، وكانت من زمرد أو زبرجد ، أو ياقوت أحمر أو صخرة صماء لينها الله لموسى فقطعها بيده وسقفها بأصابعه وكان فيها التوراة أو غيرها . فخذها على إضمار القول عطفا على كتبنا أو بدل من قوله : فخذ ما آتيتك والهاء للألواح أو لكل شيء فإنه بمعنى الأشياء أو للرسالات . بقوة بجد وعزيمة .

                                                                                                                                                                                                                                        وأمر قومك يأخذوا بأحسنها أي بأحسن ما فيها كالصبر والعفو بالإضافة إلى الانتصار ، والاقتصاص على طريقة الندب والحث على الأفضل كقوله تعالى : واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم . أو بواجباتها فإن الواجب أحسن من غيره ، ويجوز أن يراد بالأحسن البالغ في الحسن مطلقا لا بالإضافة ، وهو المأمور به كقولهم الصيف أحر من الشتاء . سأريكم دار الفاسقين دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها ، أو منازل عاد وثمود وأضرابهم لتعتبروا فلا تفسقوا ، أو دارهم في الآخرة وهي جهنم . وقرئ « سأوريكم » بمعنى سأبين لكم من أوريت الزند و « سأورثك » ، ويؤيده قوله : وأورثنا القوم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية