الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال - رحمه الله - : وإذا اشترطا أن يرفع صاحب البذر بذره من الريع والباقي بينهما نصفان فهو فاسد أيا ما كان البذر ; لأن جواز المزارعة على قول من يجوزها لمتابعة الآثار ، فأما القياس فما ذهب إليه أبو حنيفة - رحمه الله - فمتى كان العقد لا على الوجه الذي ورد به الأثر أخذ فيه بالقياس ، ثم المزارعة شركة في الخارج وكل شرط يؤدي إلى قطع الشركة بينهما مع حصول الخارج في بعضه أو في كله كان مفسدا للعقد ، وقدر البذر من جملة الريع فإن البذر بالإلقاء في الأرض يتلف ، فهذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة بينهما في بعض الريع أو في جميعه إذا كان لا يحصل من الخارج إلا قدر البذر ، وهذا بخلاف المضاربة ; لأن رأس المال هنا ليس من الربح فإن بالتصرف لا يتلف رأس المال ، فاشتراط دفع رأس المال لا يوجب قطع الشركة بينهما في شيء من الربح ، ثم اشتراطه دفع البذر هنا في كونه مخالفا لموجب العقد كاشتراط [ ص: 33 ] كون رأس المال بينهما في المضاربة ، ولو اشترطا أن الربح ورأس المال كله نصفان فسد العقد فهذا قياسه ، ولو اشترطا أن يرفع صاحب البذر عشر الخارج لنفسه والباقي بينهما نصفان جاز ; لأن هذا الشرط لا يؤدي إلى قطع الشركة في شيء من الريع بينهما مع حصول الخارج ، فإنه ما من قدر يخرج إلا ويبقى بعد رفع العشر منه تسعة أعشاره ، ثم هذا في المعنى اشتراط خمسة ونصف من عشرة لصاحب البذر وأربعة ونصف للآخر ، وذلك لا يؤدي إلى قطع الشركة في شيء من الريع ، وكذلك لو اشترط العشر لمن لا بذر من قبله والباقي بينهما نصفان جاز لما قلنا ، ولو اشترطا رفع الخراج من الريع والباقي بينهما نصفان كان فاسدا ; لأن الخراج على رب الأرض وهو دراهم مسماة ، أو حنطة مسماة فاشتراط رفع الخراج بمنزلة اشتراط ذلك القدر من الخارج لرب الأرض ، وهذا شرط يؤدي إلى قطع الشركة في الريع مع حصوله لجواز أن لا يحصل إلا ذلك القدر أو دونه

التالي السابق


الخدمات العلمية