الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      اقتربت الساعة وانشق القمر : روى أنس بن مالك وغيره: أن القمر انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، فصار فرقتين والجبل بينهما، فقالت قريش: سحرنا ابن أبي كبشة، فقدم السفار من كل أفق، فأخبروا أنهم رأوا انشقاقه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 268 ] وقوله: ويقولوا سحر مستمر أي: ذاهب، عن مجاهد؛ فالمعنى: سيمر ويذهب وقيل: معناه: قوي شديد، من (المرة) ؛ وهي القوة، وقيل: معناه: قد مر من الأرض إلى السماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وكل أمر مستقر أي: يستقر لكل عامل عمله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر أي: ما يزجرهم عن الكفر لو قبلوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فما تغن النذر : يجوز أن تكون (ما) نفيا، ويجوز أن تكون استفهاما؛ بمعنى: فأي شيء تغني النذر وهم معرضون عنها؟

                                                                                                                                                                                                                                      و {النذر} : يجوز أن يكون بمعنى: الإنذار، ويجوز أن يكون جمع (نذير) .

                                                                                                                                                                                                                                      فتول عنهم : هذا تمام الكلام، ثم قال: يوم يدع الداع إلى شيء نكر ، والعامل في {يوم} : (يخرجون) .

                                                                                                                                                                                                                                      خشعا أبصارهم : الخشوع في الأبصار: الذلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: مهطعين إلى الداع ، تقدم القول في معنى (الإهطاع) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كأنهم جراد منتشر ، وقال في موضع آخر: كالفراش المبثوث [القارعة: 4]: هما صفتان في وقتين مختلفين؛ أحدهما: عند الخروج من القبور، يخرجون فزعين، لا يهتدون أين يتوجهون، فيدخل بعضهم في بعض، فهم حينئذ [ ص: 269 ] كالفراش المبثوث بعضه في بعض، لا جهة له يقصدها، فإذا سمعوا المنادي؛ قصدوه، فصاروا كالجراد المنتشر؛ لأن الجراد له وجهة يقصدها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كذبت قبلهم قوم نوح أي: قبل قومك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا مجنون أي: هو مجنون.

                                                                                                                                                                                                                                      {وازدجر} أي: زجر بالسب والوعيد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فدعا ربه أني مغلوب فانتصر أي: فانتصر لي منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بماء منهمر أي: سريع الانصباب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر أي: التقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدر في اللوح المحفوظ.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وحملناه على ذات ألواح ودسر يعني: ألواح السفينة، و(الدسر) : معاريضها التي تعرض عليها، عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: (الدسر) : المسامير، مجاهد: هي أضلاع السفينة، الضحاك: هي طرفا السفينة، وقيل: (الدسر) : صدرها، لأن أصل (الدسر) : الدفع، فالسفينة تدفع الماء بصدرها، وواحد (الدسر) : (دسار) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تجري بأعيننا أي: بأمرنا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 270 ] وقوله: جزاء لمن كان كفر يعني: نوحا وأصحابه؛ أي: جحد.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: المعنى: جزاء لله الذي كفر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد تركناها آية يعني: السفينة، أو الفعلة، وقد رأى أوائل هذه الأمة بقية السفينة على الجودي، قاله قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد يسرنا القرآن للذكر أي: سهلناه، ولولا تسهيله إياه؛ لم يقدر أحد أن يتكلم بكلام الله عز وجل، وقيل: المعنى: سهلناه للحفظ.

                                                                                                                                                                                                                                      فهل من مدكر أي: فهل من أحد يتذكر؟ والأصل: (مذتكر) : (مفتعل) ، من (الذكر) ، فقلبت التاء دالا؛ لتوافق الذال في الجهر، ثم أدغمت الذال في الدال، ويجوز (مذكر) ؛ على إدغام الثاني في الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا : قد تقدم القول في (الصرصر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: في يوم نحس مستمر أي: في يوم شؤم شديد، يروى: أنه كان يوم الأربعاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تنـزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر أي: تنزعهم من الحفر التي كانوا فيها، ويروى: أن سبعة منهم حفروا حفرا، وقاموا فيها، ليردوا الريح.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 271 ] الطبري: في الكلام حذف؛ والمعنى: تنزع الناس، فتتركهم أعجاز نخل منقعر، فالكاف في موضع نصب بالمحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج: الكاف في موضع نصب على الحال؛ والمعنى: تنزعهم مشبهين أعجاز نخل، والتشبيه: قيل: إنه لهم و للحفر التي كانوا فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: بانت رءوسهم عن أبدانهم، فصاروا أبدانا بغير رءوس.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {منقعر} : منقلع من قعره؛ أي: من أصله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية