الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان النخيل بين رجلين فدفعه أحدهما إلى صاحبه سنته هذه على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقحه فما خرج من ذلك فهو بينهما : للعامل ثلثاه وللآخر ثلثه - فهذا فاسد ; لأن الذي شرط الثلث لنفسه استأجر صاحبه للعمل في نصيبه بثلث الخارج من نصيبه ، وهو إنما يعمل فيما هو شريك لنفسه فيه ، واستئجار أحد الشريكين صاحبه للعمل فيما هو فيه شريك باطل ، والخارج بينهما نصفان لا يتصدق واحد منهما بشيء منه ، ولا أجر للعامل على شريكه ; لأن قيام الشركة بينهما فيما يلاقيه عمله يمنع تسليم عمله إلى صاحبه . ولو كان اشترطا أن الخارج نصفان جاز وكان العامل معينا لشريكه بعمله في نصيبه ، فإن كان الذي لم يعمل أمر العامل أن يشتري ما يلقح به النخل فاشتراه - رجع عليه بنصف ثمن ذلك في المسألتين جميعا ; لأنه وكيل في شراء نصف ما يلقح به النخل له وقد أدى الثمن من عنده فيرجع عليه بذلك ، بخلاف العمل فإنه لا قيمة للعمل إلا بتسمية العوض وتسليم تام إلى من يكون العمل له ، والشركة تمنع من ذلك ، وهو نظير عبد بين اثنين أمر أحدهما صاحبه بأن يشتري له نفقة فينفق عليه بنصف الثمن ، ولو استأجره ليحلق رأسه بأجر لم يستوجب الأجر على شريكه لهذا المعنى ، ثم ما يذكر من التلقيح في النخل أنواع معلومة عند أرباب النخيل : منها ما يشترى فيدق ويذر على مواضع معلومة من النخيل . ومنها ما يوجد من فحولة النخل مما يشبه الذكر من بني آدم ثم يشق النخلة التي تحمل فيغرز ذلك فيها على صورة الوطء بين الذكور والإناث ، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا النوع من أهل المدينة فاستقبحه ونهاهم عن ذلك فأحشفت النخل في تلك السنة فقال : عهدي بثمار نخيلكم على غير هذه الصفة . قالوا : نعم . وإنما كانت تجيد الثمار بالتلقيح فانتهينا إذ منعتنا فأحشفت . [ ص: 110 ] فقال عليه الصلاة والسلام : إذا أتيتكم بشيء من أمر دينكم فاعملوا به ، وإذا أتيتكم بشيء من أمور دنياكم فأنتم أبصر بدنياكم . وقيل إن النخيل على طبع الآدمي ، فإن النخلة خلقت من فضل طينة آدم عليه الصلاة والسلام على ما قال عليه الصلاة والسلام : { أكرموا النخلة فإنها عمتكم } ، ولهذا لا تثمر إلا بالتلقيح كما لا تحمل الأنثى من بنات آدم إلا بالوطء ، وإذا قطعت رأسها يبست من ساعتها كالآدمي إذا جز رأسه . ولو اشترطا على أن يعملا جميعا فيه ويسقياه ويلقحاه بتلقيح من عندهما هذه السنة فما خرج من ذلك فلأحدهما بعينه الثلثان وللآخر الثلث - فهذا فاسد ; لأن أحدهما شرط لنفسه جزءا من الخارج من نصيب صاحبه من غير أن يكون له فيه نخل ولا عمل ، أو استأجره صاحبه للعمل فيما هو شريك فيه إن كان عمله أكثر من عمل صاحبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية