الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا دفع العبد المحجور عليه أرضا مما كان في يده أو أرضا أخذها من أراضي مولاه إلى رجل يزرعها ببذره [ ص: 126 ] وعمله هذه السنة بالنصف فزرعها العامل فأخرجت زرعا كثيرا ونقص الزرع الأرض فالخارج للعامل وعليه نقصان الأرض لرب الأرض لأنه في حق المولى بمنزلة الغاصب للأرض ، فإن عقد المزارعة من المحجور عليه صحيح في حق المولى فإن عتق العبد رجع العامل عليه بما أدى إلى مولاه من نقصان الأرض ; لأنه صار مغرورا من جهة العبد بمباشرته عقد الضمان ، والعبد يؤاخذ بضمان الغرور بعد العتق بمنزلة الكفالة ثم يأخذ العبد من المزارع نصف ما أخرجت الأرض ; لأن العقد صح بينهما في حقهما فيكون الخارج بينهما على الشرط فإذا أخذا نصف الخارج باعه واستوفى من ثمنه ما غرمه للمزارع ، فإن كان فيه فضل كان لمولاه لأن ذلك كسب اكتسبه في حال رقه وما اكتسب العبد في حال رقه يقضى دينه منه ، فإن فضل منه شيء فهو للمولى . وإن قال المولى قبل أن يعتق العبد أنا آخذ نصف ما أخرجت الأرض ولا أضمن العامل نقصان الأرض كان له ذلك إن عتق العبد أو لم يعتق ; لأن العقد كان صحيحا بين العبد والمزارع ، وإنما امتنع بعوده في حق المولى لدفع الضرر عنه أو لانعدام الرضا منه به فيكون رضاه به في الانتهاء بمنزلة الرضا به في الابتداء . وإن كانت الأرض لم تنقصها الزراعة شيئا فالخارج بين المولى والمزارع نصفان لأن في تصحيح هذا العقد منفعة للمولى وهو سلامة نصف الخارج له ، وإنما كان يمتنع صحته في حقه لدفع الضرر ولا ضرر هنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية