الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قلت: وإذا قال الراوي عن التابعي: "يرفع الحديث" أو "يبلغ به" فذلك أيضا مرفوع، ولكنه مرفوع مرسل. والله أعلم.

[ ص: 371 ]

التالي السابق


[ ص: 371 ] 41 - قوله: (وإذا قال الراوي عن التابعي: "يرفع الحديث" أو "يبلغ به" فذلك أيضا مرفوع، ولكنه مرفوع مرسل) انتهى.

ذكر الشيخ فيما يتعلق بالصحابي أربعة مسائل:

الأولى: كنا نفعل كذا، أو: كانوا يفعلون كذا، ونحوهما.

والثانية: أمرنا بكذا ونحوه.

والثالثة: من السنة كذا.

والرابعة: يرفعه ويبلغ به ونحوهما.

ثم ذكر فيما يتعلق بالتابعي المسألة الرابعة فقط، وسكت عن الحكم في الثلاثة الأول إذا قالها التابعي، فأحببت ذكر الحكم فيها:

فأما المسألة الأولى: فإذا قال التابعي: "كنا نفعل" فليس بمرفوع قطعا، وهل هو موقوف؟ لا يخلو إما أن يضيفه إلى زمن الصحابة أم لا، فإن لم يضفه إلى زمنهم فليس بموقوف أيضا، بل هو مقطوع، وإن أضافه إلى زمنهم فيحتمل أن يقال: إنه موقوف؛ لأن الظاهر اطلاعهم على ذلك وتقريرهم، ويحتمل أن يقال: ليس بموقوف أيضا؛ لأن تقرير الصحابي قد لا ينسب إليه بخلاف تقرير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحد وجوه السنن.

وأما إذا قال التابعي: "كانوا يفعلون كذا" فقال النووي في (شرح مسلم): "إنه لا يدل على فعل جميع الأمة، بل على البعض، فلا حجة فيه، إلا أن يصرح بنقله عن أهل الإجماع، فيكون نقلا للإجماع، وفي ثبوته بخبر الواحد خلاف".

[ ص: 372 ] وأما المسألة الثانية: فإذا قال التابعي: "أمرنا بكذا" أو: "نهينا عن كذا" فجزم أبو نصر بن الصباغ في كتاب (العدة) في أصول الفقه أنه مرسل، وذكر الغزالي في "المستصفى" فيه احتمالين من غير ترجيح: هل يكون موقوفا أو مرفوعا مرسلا؟

وحكى ابن الصباغ في "العدة" وجهين فيما إذا قال ذلك سعيد بن المسيب، هل يكون حجة أم لا؟.

وأما المسألة الثالثة: فإذا قال التابعي: "من السنة كذا" كقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: "السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات" رواه البيهقي في سننه.

[ ص: 373 ] فهل هو مرسل مرفوع أو موقوف متصل؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي، حكاهما النووي في (شرح مسلم) و(شرح المهذب) و(شرح الوسيط) قال: "والصحيح أنه موقوف" انتهى.

وحكى الدراوردي في (شرح مختصر المزني) أن الشافعي - رضي الله عنه - كان يرى في القديم أن ذلك مرفوع إذا صدر من الصحابي أو التابعي، ثم رجع عنه؛ لأنهم قد يطلقونه ويريدون سنة البلد. انتهى.

وما حكاه الداودي - من رجوع الشافعي عن ذلك فيما إذا قاله [ ص: 374 ] الصحابي - لم يوافق عليه؛ فقد احتج به في مواضع من الجديد، فيمكن أن يحمل قوله: "ثم رجع عنه" أي: عما إذا قاله التابعي. والله أعلم.




الخدمات العلمية