الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( عاقد الإمام علجا ) هو الكافر الغليظ الشديد سمي به لدفعه عن نفسه ومنه العلاج لدفعه الداء ( يدل على ) نحو بلد أو ( قلعة ) بإسكان اللام وفتحها سواء أكانت معينة أم مبهمة من قلاع محصورة فيما يظهر أو على أصل طريقها أو أسهل أو أرفق طريقها ( وله منها جارية ) مثلا ولو حرة مبهمة ويعينها الإمام ( جاز ) وإن كان الجعل مجهولا غير مملوك للحاجة مع أن الحرة ترق بالأسر ، وتستحق بالدلالة ولو من غير كلفة كأن يكون تحتها فيقول هي هذه للحاجة أيضا ، وبه فارق ما مر في الإجارة والجعالة ، كذا قاله بعضهم ، والأوجه حمل ما هنا على ما إذا كان فيه كلفة ليوافق ما مر ثم ، أما المسلم فلا تجور معه هذه المعاقدة على ما قاله جمع ; لأن فيها أنواعا من الغرر واحتملت مع الكافر ; لأنه أعرف بقلاعهم وطرقهم ، والمعتمد صحتها معه أيضا كما رجحه الأذرعي والبلقيني وغيرهما ، واقتضى كلام المصنف كالرافعي في الغنيمة اعتماده فيعطاها إن وجدناها حية وإن أسلمت .

                                                                                                                            فلو ماتت بعد الظفر فله قيمتها ، وخرج بقوله منها قوله مما عندي فلا يصح للجهل بالجعل بلا حاجة ( فإن فتحت ) عنوة ( بدلالته ) وفاتحها من عاقده ولو في مرة أخرى ، وفيها تلك الأمة المعينة أو المبهمة حية ولم تسلم أصلا أو أسلمت معه أو بعده لا عكسه كما يأتي ( أعطيها ) وإن لم يوجد سواها ، وإن تعلق بها حق لازم من معاملتهم مع بعضهم كما هو ظاهر ، إذ لا اعتداد بمعاملتهم في مثل ذلك ; لأنه استحقها بالشرط قبل الظفر ( أو ) فتحها معاقده ( بغيرها ) أي دلالته أو غير معاقده ولو بدلالته ( فلا ) شيء له ( في الأصح ) لانتفاء الشرط وهو دلالته ، والثاني يستحقها بالدلالة ( فإن لم تفتح فلا شيء له ) لتعلق جعالته بدلالته مع فتحها فالجعل مقيد به حقيقة وإن لم يجر لفظه .

                                                                                                                            ( وقيل إن لم يعلق الجعل بالفتح فله أجرة مثل ) لوجود الدلالة ويرده ما تقرر هذا إن كان الجعل فيها ، وإلا لم يشترط في استحقاقه فتحها اتفاقا على ما قاله الماوردي [ ص: 84 ] وغيره ( فإن ) فتحها معاقده بدلالته ( ولم يكن فيها جارية ) أصلا أو بالوصف المشروط ( أو ماتت قبل العقد ) ( فلا شيء له ) لانتفاء المشروط ( أو ) ماتت ( بعد الظفر وقبل التسليم ) إليه ( وجب بدل ) لأنها حصلت في قبضته فالتلف من ضمانه ( أو ) ماتت ( قبل الظفر فلا ) شيء له ( في الأظهر ) كما لو لم تكن فيها ; لأن الميتة معدومة لعدم القدرة عليها ، والثاني تجب لأنها حاصلة وتعذر تسليمها ( وإن أسلمت ) المعينة الحرة على ما قيد به بعض الشراح ، والأقرب عدم الفرق ، والقول بأن الحرة إذا أسلمت قبل الظفر لا يعطى قيمتها مردود .

                                                                                                                            ( فالمذهب وجوب بدل ) إذ إسلامها منع رقها والاستيلاء عليها فيعطى بدلها من أصل الغنيمة كما هو أوجه احتمالين فإن لم تكن غنيمة اتجه وجوبه في بيت المال ( وهو ) أي البدل ( أجرة مثل وقيل قيمتها ) وهذا هو المعتمد كما في في الروضة وأصلها عن الجمهور ، نعم لو كانت مبهمة فمات كل من فيها وجبت قيمة من تسلم إليه قبل الموت في أصح احتمالين فيعين له واحدة ويعطيه قيمتها كما يعينها له لو كن أحياء ، وخرج بعنوة ما لو فتحت صلحا بدلالته ودخلت في الأمان ، فإن امتنع من قبول بدل وهم من تسليمها نبذنا الصلح وبلغناهم المأمن ، وإن رضوا بتسليمها ببدلها أعطوه من محل الرضخ .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والمعتمد صحتها معه ) أي المسلم ، وقوله فيعطاها : أي المسلم ، وقوله وإن أسلمت غاية ، وقوله فله : أي من ذكر ( قوله لا عكسه ) أي بأن أسلمت قبله ( قوله أعطيها ) أي أعطي التي وقع العقد عليها إن كانت معينة أو من يعينها الإمام إن كانت مبهمة ( قوله : ويرده ما تقرر ) أي في قوله فالجعل مقيد ( قوله : اتفاقا على ما قاله الماوردي ) لعل صورته أنه عوقد بجعل معين من ماله أو بيت المال ، وإلا فقد مر [ ص: 84 ] أنه لو عاقده بجارية من غير القلعة لم يصح للجهل بالجعل بلا حاجة ( قوله : والأقرب عد الفرق ) هذا قد ينافيه قوله بعد إذ إسلامها منع رقها إلخ إلا أن يقال بالتوزيع الآتي في كلام سم ( قوله : والاستيلاء عليها ) كأنه على التوزيع : أي يمنع رقها إذا كانت حرة ، وأسلمت قبل الأسر أو الاستيلاء عليها إذا أسلمت الحرة بعد الأسر أو أسلمت الرقيقة فليتأمل ا هـ سم حج

                                                                                                                            ( قوله : فيعين ) أي الإمام ، وإنما ساغ التعيين للإمام ; لأن رضا العلج بالمبهمة من الإمام والعقد عليها رضا بما يعينه الإمام .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : هو الكافر الغليظ إلخ ) ويطلق أيضا على المسلم المتصف بذلك كما ذكره الأذرعي ( قوله : وإن أسلمت ) أي بعد الظفر : أي أو كانت أمة ( قوله : أو أسلمت معه ) أي العلج ( قوله : لا عكسه ) أي بأن أسلم هو بعدها لانتقال الحق منها إلى قيمتها قاله ابن قاسم ( قوله : لانتفاء الشرط وهو دلالته ) أي الموصلة للفتح فلا [ ص: 84 ] ينافي ما علل به الثاني ( قوله : منع رقها والاستيلاء عليها ) قال ابن قاسم كأنه على التوزيع : أي منع رقها إن كانت حرة فأسلمت قبل الأسر والاستيلاء عليها إذا أسلمت الرقيقة ( قوله وإن رضوا ) قال ابن قاسم لعله فيما إذا كانت رقيقة وإلا فدخولها في الأمان يمنع استرقاقها ا هـ بالمعنى .




                                                                                                                            الخدمات العلمية