الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3911 6- باب في الطيرة

                                                              479 \ 3759 - عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة فقال أعرابي ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها قال فمن أعدى الأول

                                                              قال معمر: قال الزهري: فحدثني رجل عن أبي هريرة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يوردن ممرض على مصح "، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة"؟ قال: لم أحدثكموه. قال الزهري: قال أبو سلمة: قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة نسي حديثا قط غيره".

                                                              وأخرجه البخاري ومسلم مطولا ومختصرا

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: ذهب بعضهم إلى أن قوله " لا يورد ممرض على مصح " منسوخ بقوله " لا عدوى "، وهذا غير صحيح، وهو ما تقدم آنفا: أن المنهي عنه نوع غير المأذون فيه، فإن الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " لا عدوى ولا صفر " هو ما كان عليه أهل الإشراك من اعتقادهم ثبوت ذلك على قياس شركهم، وقاعدة كفرهم.

                                                              والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم - من إيراد [ ص: 640 ] الممرض على المصح - فيه تأويلان:

                                                              أحدهما: خشية توريط النفوس في نسبة ما عسى أن يقدره الله تعالى من ذلك إلى العدوى وفيه التشويش على من يورد عليه، وتعريضه لاعتقاد العدوى، فلا تنافي بينهما بحال.

                                                              والتأويل الثاني: أن هذا إما يدل على أن إيراد الممرض على المصح: قد يكون سببا لخلق الله تعالى فيه المرض، فيكون إيراده سببا، وقد يصرف الله سبحانه تأثيره بأسباب تضاده، أو تمنعه قوة السببية، وهذا محض التوحيد، بخلاف ما كان عليه أهل الشرك.

                                                              وهذا نظير نفيه سبحانه الشفاعة في يوم القيامة بقوله لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة فإنه لا تضاد الأحاديث المتواترة المصرحة بإثباتها، فإنه سبحانه إنما نفى الشفاعة التي كان أهل الشرك يثبتونها، وهي شفاعة يتقدم فيها الشافع بين يدي المشفوع عنده، وإن لم يأذن له،

                                                              وأما التي أثبتها الله ورسوله: فهي الشفاعة التي تكون من بعد إذنه.

                                                              كقوله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه وقوله ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وقوله ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له والله الموفق للصواب.




                                                              الخدمات العلمية