الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( والزراعة أفضل مكتسب ) لأنها أقرب إلى التوكل من غيرها وأقرب للحل وفيها عمل اليد والنفع العام للآدمي والدواب ولا بد أن يؤكل عادة من الزرع بلا عوض ( وقيل : عمل اليد ) قال المروذي : سمعت أحمد وذكر المطاعم يفضل عمل اليد انتهى لحديث { أفضل الكسب عمل الرجل بيده وكل مبيع مبرور } رواه أحمد وغيره ، ومعنى مبرور لا غش فيه ولا خيانة .

                                                                                                                      وروى البخاري عن المقدام مرفوعا { ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده } .

                                                                                                                      ( وقيل ) أفضل المكاسب ( التجارة ) قال [ ص: 214 ] في الرعاية الكبرى : أفضل المعاش التجارة انتهى ويؤيده ما سبق من حديث أحمد وإن جعلت الكلام على معنى من أفضل فلا تعارض أو أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ( وأفضلها ) أي التجارة ( في بز وعطر وزرع وغرس وماشية ) لبعدها من الشبهة والكذب ( وأبغضها ) أي التجارة ( في رقيق وصرف ) للشبهة ( ويسن التكسب ومعرفة أحكامه حتى مع الكفاية التامة قاله في الرعاية ) لقوله تعالى { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } ويرشد إليه قوله صلى الله عليه وسلم { كالطير تغدو خماصا وتعود بطانا } والأخذ في الأسباب من التوكل فلا يعتقد أن الرزق من الكسب بل من الله بواسطة .

                                                                                                                      ( وقال ) صاحب الرعاية ( أيضا فيها يباح كسب الحلال لزيادة المال والجاه والترفه والتنعم والتوسعة على العيال مع سلامة الدين والعرض والمروءة وبراءة الذمة ) لأنه لا مفسدة فيه إذن ( ويجب ) التكسب ( على من لا قوت له ولا لمن تلزمه مؤنته ) لحفظ نفسه قلت وكذا على من عليه دين واجب لأدائه ( ويقدم الكسب لعياله على كل نفل ) لأن الواجب مقدم على التطوع .

                                                                                                                      ( ويكره تركه ) أي التكسب ( والاتكال على الناس قال أحمد : لم أر مثل الغنى عن الناس .

                                                                                                                      وقال في قوم لا يعملون ويقولون : نحن متوكلون هؤلاء مبتدعة ) لتعطيلهم الأسباب .

                                                                                                                      وقال القاضي : الكسب الذي لا يقصد به التكاثر وإنما يقصد به التوسل إلى طاعة الله من صلة الإخوان أو التعفف عن وجوه الناس فهو أفضل لما فيه من منفعة غيره ومنفعة نفسه وهو أفضل من التفرغ إلى طلب العبادة من الصلاة والصوم والحج وتعلم العلم لما فيه من منافع الناس وخير الناس أنفعهم للناس .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية