الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وتقطعوا أرحامكم 4552 حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان قال حدثني معاوية بن أبي مزرد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فذاك قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا حاتم عن معاوية قال حدثني عمي أبو الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة بهذا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم فهل عسيتم حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا معاوية بن أبي المزرد بهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واقرءوا إن شئتم فهل عسيتم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سورة محمد - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ) كذا لأبي ذر ، ولغيره الذين كفروا حسب .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 443 ] قوله : ( أوزارها : آثامها حتى لا يبقى إلا مسلم ) قال : عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : حتى تضع الحرب أوزارها قال : حتى لا يكون شرك ، قال : والحرب من كان يقاتله ، سماهم حربا . قال : ابن التين : لم يقل هذا أحد غير البخاري . والمعروف أن المراد بأوزارها السلاح ، وقيل حتى ينزل عيسى بن مريم انتهى . وما نفاه قد علمه غيره ؛ قال : ابن قرقول : هذا التفسير يحتاج إلى تفسير ، وذلك لأن الحرب لا آثام لها ، فلعله كما قال الفراء : آثام أهلها ، ثم حذف وأبقى المضاف إليه ، أو كما قال النحاس : حتى تضع أهل الآثام فلا يبقى مشرك انتهى . ولفظ الفراء : الهاء في أوزارها لأهل الحرب أي آثامهم ، ويحتمل أن يعود على الحرب والمراد بأوزارها سلاحها انتهى . فجعل ما ادعى ابن التين أنه المشهور احتمالا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عرفها : بينها ) قال : أبو عبيدة في قوله : عرفها لهم بينها لهم وعرفهم منازلهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال : مجاهد : مولى الذين آمنوا وليهم ) كذا لغير أبي ذر وسقط له ، وقد وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإذا عزم الأمر أي جد الأمر ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلا تهنوا : فلا تضعفوا ) وصله ابن أبي حاتم من طريقه كذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن عباس : أضغانهم : حسدهم ) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله : أن لن يخرج الله أضغانهم قال : أعمالهم ، خبثهم والحسد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( آسن : متغير ) كذا لغير أبي ذر هنا ، وسيأتي في أواخر السورة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( آسن متغير ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . وقال : أبو عبيدة مثله . وقال : عبد الرزاق عن معمر عن قتادة غير منتن ، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مرسل من رواية أبي معاذ البصري " أن عليا كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر حديثا طويلا مرفوعا فيه ذكر الجنة قال : - و أنهار من ماء غير آسن " قال : صاف : لا كدر فيه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : باب وتقطعوا أرحامكم قرأ الجمهور بالتشديد ويعقوب بالتخفيف .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 444 ] قوله : ( خلق الله الخلق فلما فرغ منه ) أي قضاه وأتمه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قامت الرحم ) يحتمل أن يكون على الحقيقة ، والأعراض يجوز أن تتجسد وتتكلم بإذن الله ، ويجوز أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها ، ويحتمل أن يكون ذلك على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضل واصلها وإثم قاطعها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأخذت ) كذا للأكثر بحذف مفعول أخذت ، وفي رواية ابن السكن " فأخذت بحقو الرحمن " وفي رواية الطبري " بحقوي الرحمن " بالتثنية ، قال : القابسي أبى أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله ، ومشى بعض الشراح على الحذف فقال : أخذت بقائمة من قوائم العرش ، وقال عياض : الحقو معقد الإزار ، وهو الموضع الذي يستجار به ويحتزم به على عادة العرب ، لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدفع ، كما قالوا نمنعه مما نمنع منه أزرنا ، فاستعير ذلك مجازا للرحم في استعاذتها بالله من القطيعة انتهى . . وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه كما في حديث أم عطية " فأعطاها حقوه فقال : أشعرنها إياه " يعني إزاره وهو المراد هنا ، وهو الذي جرت العادة بالتمسك به عند الإلحاح في الاستجارة والطلب ، والمعنى على هذا صحيح مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة . قال : الطيبي : هذا القول مبني على الاستعارة التمثيلية كأنه شبه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به ، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة ، ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ وبلفظ الحقو فهو استعارة أخرى ، والتثنية فيه للتأكيد لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال : له مه ) هو اسم فعل معناه الزجر أي اكفف . وقال ابن مالك : هي هنا " ما " الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت ، والشائع أن لا يفعل ذلك إلا وهي مجرورة ، لكن قد سمع مثل ذلك فجاء عن أبي ذؤيب الهذلي قال : قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج ، فقلت : مه ؟ فقالوا . قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله في الإسناد ( حدثنا سليمان ) هو ابن بلال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( هذا مقام العائذ بك من القطيعة ) هذه الإشارة إلى المقام أي قيامي في هذا مقام العائذ بك ، وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بقطيعة الرحم في أوائل كتاب الأدب إن شاء الله تعالى . ووقع في رواية الطبري " هذا مقام عائذ من القطيعة " والعائذ المستعيذ ، وهو المعتصم بالشيء المستجير به .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال : أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : فهل عسيتم ) هذا ظاهره أن الاستشهاد موقوف ، وسيأتي بيان من رفعه وكذا في رواية الطبري من طريق سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال ومحمد بن جعفر بن أبي كثير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا حاتم ) هو ابن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة ، ومعاوية هو ابن أبي مزرد المذكور في الذي قبله وبعده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بهذا ) يعني الحديث الذي قبله ، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريقين عن حاتم بن إسماعيل بلفظ " فلما فرغ منه قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ " ولم يذكر الزيادة . وزاد بعد قوله قالت بلى يا رب " قال : فذلك لك " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 445 ] قوله : ( ثم قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقرءوا إن شئتم ) حاصله أن الذي وقفه سليمان بن بلال على أبي هريرة رفعه حاتم بن إسماعيل ، وكذا وقع في رواية الإسماعيلي المذكورة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( أخبرنا عبد الله ) هو ابن المبارك

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بهذا ) أي بهذا الإسناد والمتن ، ووافق حاتما على رفع هذا الكلام الأخير ، وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق حبان بن موسى عن عبد الله بن المبارك .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : اختلف في تأويل قوله : إن توليتم فالأكثر على أنها من الولاية والمعنى إن وليتم الحكم ، وقيل بمعنى الإعراض ، والمعنى لعلكم إن أعرضتم عن قبول الحكم أن يقع منكم ما ذكر ، والأول أشهر ، ويشهد له ما أخرج الطبري في تهذيبه من حديث عبد الله بن مغفل قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض قال : هم هذا الحي من قريش ، أخذ الله عليهم إن ولوا الناس أن لا يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم .

                                                                                                                                                                                                        48 - سورة الفتح قال مجاهد : بورا هالكين . وقال مجاهد سيماهم في وجوههم السحنة . وقال منصور عن مجاهد : التواضع . شطأه : فراخه . فاستغلظ : غلظ . سوقه : الساق حاملة الشجرة . ويقال دائرة السوء كقولك رجل السوء . دائرة السوء : العذاب يعزروه : ينصروه . شطأه : شطء السنبل . تنبت الحبة عشرا أو ثمانيا وسبعا فيقوى بعضه ببعض ، فذاك قوله تعالى : فآزره : قواه ، ولو كانت واحدة لم تقم على ساق ، وهو مثل ضربه الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج وحده ، ثم قواه بأصحابه كما قوى الحبة بما ينبت منها .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية