الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 128 ] [ هيا ]

                                                          هي بن بي ، وهيان بن بيان : لا يعرف هو ولا يعرف أبوه . يقال : ما أدري أي هي بن بي ، هو معناه أي أي الخلق هو . قال ابن بري : ويقال في النسب عمرو بن الحارث بن مضاض بن هي بن بي بن جرهم ، وقيل : هيان بن بيان ، كما تقول طامر بن طامر لمن لا يعرف ولا يعرف أبوه ، وقيل : هي بن بي ، كان من ولد آدم فانقرض نسله ، وكذلك هيان بن بيان . قال ابن الأعرابي : هو هي بن بي ، وهيان بن بيان ، وبي بن بي ، يقال ذلك للرجل إذا كان خسيسا ; وأنشد ابن بري :


                                                          فأقعصتهم وحطت بركها بهم وأعطت النهب هيان بن بيان

                                                          وقال ابن أبي عيينة :


                                                          بعرض من بني هي بن بي     وأنذال الموالي والعبيد

                                                          الكسائي : يقال يا هي ما لي ; معناه التلهف والأسى ; ومعناه : يا عجبا ما لي ، وهي كلمة معناها التعجب ، وقيل : معناها التأسف على الشيء يفوت ، وقد ذكر في الهمز ; وأنشد ثعلب :


                                                          يا هي ما لي قلقت محاوري     وصار أشباه الفغا ضرائري

                                                          قال اللحياني : قال الكسائي يا هي ما لي ، ويا هي ما أصحابك ، لا يهمزان ، قال : وما في موضع رفع ، كأنه قال : يا عجبي ; قال ابن بري : ومنه قول حميد الأرقط :


                                                          ألا هيما مما لقيت وهيما وويحا     لمن لم يدر ما هن ويحما

                                                          الكسائي : ومن العرب من يتعجب بهي وفي وشي ، ومنهم من يزيد ما فيقول يا هيما ويا شيما ويا فيما ، أي ما أحسن هذا ، وقيل : هو تلهف ; وأنشد أبو عبيد :


                                                          يا هي ما لي من يعمر يفنه     مر الزمان عليه والتقليب

                                                          الفراء : يقال ما هيان هذا أي ما أمره ؟ ابن دريد : العرب تقول هيك أي أسرع فيما أنت فيه . وهيا هيا : كلمة زجر للإبل ; قال الشاعر :


                                                          وجل عتابهن هيا وهيد

                                                          قال : وهي وها من زجر الإبل ، هيهيت بها هيهاة وهيهاء ; وأنشد :


                                                          من وجس هيهاء ومن يهيائه

                                                          وقال العجاج :


                                                          هيهات من منخرق هيهاؤه

                                                          قال : وهيهاؤه معناه البعد والشيء الذي لا يرجى . أبو الهيثم : ويقولون عند الإغراء بالشيء هي هي ، بكسر الهاء ، فإذا بنوا منه فعلا قالوا هيهيت به أي أغريته . ويقولون : هيا هيا أي أسرع إذا حدوا بالمطي ; وأنشد سيبويه :


                                                          لتقربن قربا جلذيا


                                                          ما دام فيهن فصيل حيا


                                                          وقد دجا الليل فهيا هيا

                                                          وحكى اللحياني : هاه هاه . ويحكى صوت الهادي : هي هي ، ويه يه ; وأنشد الفراء :


                                                          يدعو بهيها من مواصلة الكرى

                                                          ولو قال : بهي هي ، لجاز . وهيا : من حروف النداء ، وأصلها أيا ، مثل هراق وأراق ; قال الشاعر :


                                                          فأصاخ يرجو أن يكون حيا     ويقول من طرب هيا ربا

                                                          الفراء : العرب لا تقول هياك ضربت ، ويقولون هياك وزيدا ; وأنشد :


                                                          يا خال هلا قلت إذ أعطيتها     هياك هياك وحنواء العنق
                                                          أعطيتنيها فانيا أضراسها     لو تعلف البيض به لم ينفلق

                                                          وإنما يقولون هياك وزيدا إذا نهوك ; والأخفش يجيز هياك ضربت ; وأنشد :


                                                          فهياك والأمر الذي إن توسعت     موارده ضاقت عليك المصادر

                                                          وقال بعضهم : أياك ، بفتح الهمزة ، ثم تبدل الهاء منها مفتوحة أيضا ، فتقول هياك . الأزهري : ومعنى هياك إياك ، قلبت الهمزة هاء . ابن سيده : ومن خفيف هذا الباب هي ، كناية عن الواحد المؤنث . وقال الكسائي : هي أصلها أن تكون على ثلاثة أحرف مثل أنت ، فيقال : هي فعلت ذلك ، وقال : هي لغة همدان ومن في تلك الناحية ، قال : وغيرهم من العرب يخففها ، وهو المجتمع عليه ، فيقول : هي فعلت ذلك . قال اللحياني : وحكي عن بعض بني أسد وقيس هي فعلت ، ذلك بإسكان الياء . وقال الكسائي : بعضهم يلقي الياء من هي إذا كان قبلها ألف ساكنة فيقول حتاه فعلت ذلك ، وإنماه فعلت ذلك ; وقال اللحياني : قال الكسائي لم أسمعهم يلقون الياء عند غير الألف ، إلا أنه أنشدني هو ونعيم :


                                                          ديار سعدى إذه من هواكا

                                                          بحذف الياء عند غير الألف ، وسنذكر من ذلك ، فصلا مستوفى في ترجمة ها من الألف اللينة ، قال : وأما سيبويه فجعل حذف الياء الذي هنا ضرورة ; وقوله :


                                                          فقمت للطيف مرتاعا وأرقني     فقلت أهي سرت أم عادني حلم

                                                          إنما أراد هي سرت ، فلما كانت أهي كقولك بهي خفف ، على قولهم في بهي بهي ، وفي علم علم ، وتثنية هي هما ، وجمعها هن ، قال : وقد يكون جمع ها من قولك رأيتها ، وجمع ها من قولك مررت بها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية