الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع : في الكتاب إذا اشترى من يعتق عليه عالما بذلك مليئا ، عتق عليه وغرم رأس المال لك وحصتك من الربح ; لأن بعلمه دخل على التزام المال ، ولملئه ينفذ عتق قريبه عليه ، وإن لم يعلم وفيه فضل فكذلك ; لأنه يملك بعضه بحصته من الربح فيكمل عليه ، فإن لم يكن فيه فضل لم يعتق وبيع ، أو فيه فضل ولا مال للعامل عتق بقدر حصته لملكه إياها ، وبيع الباقي إذ لا تكميل على معسر علم أم لا وإن اشترى أباك ولم يعلم عتق عليك لدخوله في ملكك لقوله عليه السلام : من ملك ذا رحم محرم عتق عليه - ولك ولاؤه ، وتغرم حصته [ ص: 81 ] من الربح إن كانت ، وإن علم وهو مليء عتق عليه ; لضمانه بالتعدي على إفساد المال بإدخال قريبك في ملكك والولاء لك لعتقه على ملكك ويغرم لك ثمنه ، فإن لم يكن له مال بيع منه بقدر رأس المال وحصتك من الربح صونا لمالك عن إفساد العامل له ; إذ لا غرم عليه لعسره وعتق عليه قدر حصته ; لأنه مليء قال ابن يونس : يعتق عليه قريبه إذا كان مليئا علم أم لا كان فيه فضل أم لا ; لقيام الشبهة فقد يكون علم بذلك فكتمه ، فيتهم في بيع قيمة ولائه ; لأنه لو وطئ أمة من القراض فحملت منه فهي أم ولد في القراض فضل أم لا ، وابن القاسم لا يعتبر هذه الشبهة ، والفرق أن العتق إحسان فلا يتشاحح فيه ، والوطء انتفاع فتشوحح فيه ، كما أن نفقة القريب لا تجب مع الإعسار ، بخلاف نفقة الزوجة ; لأن الأول معروف والثاني معاوضة ولو كان معسرا وفيه فضل ولم يوجد من يشتري بعضه إلا ببخس عن قيمة الجملة لدخول العتق فيه ، بيع كله وأخذت نصيبك وجعلت نصيبه في رقبة أو يعين بها ، كمن أعتق وعليه دين وفي العبد فضل ، وعن ابن القاسم إذا اشترى أباك عالما وهو معسر وفيه فضل عتق الجميع واتبع في ذمته ; لأنه عتق بالعقد ، فإن تنازعتما بعد الشراء صدق العامل ; لأنه غارم قال صاحب النكت : قيل : إذا اشترى أبا نفسه وهو عالم أم لا وفيه فضل خمسون ولا مال له ، فيباع لرب المال بقدر رأس ماله ، ويبقى نصف ما بقي مملوكا لرب المال والنصف الآخر على العامل ، كشخص في عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه معسرا ، قال اللخمي : وعن أشهب إذا اشترى أبا نفسه معسرا غير عالم ولا فضل فيه عتق ، وعتقه إذا كان فيه فضل وهو موسر غير عالم بالقيمة كانت أكثر من الثمن أو أقل ; لأن مصيبته من صاحب المال ، فله ربحه [ ص: 82 ] وعليه وضيعته ، والقيمة في جميعه يوم الحكم ، ولا يعتبر قيمة نصيب الولد من الربح يوم شرائه ويكون الاستكمال لصاحب المال يوم الحكم ; لأنه يؤدي إلى تبدئة العامل عليك قبل وصول مالك إليك ، وقد يهلك العبد قبل التقويم ، فلو اعتبرت القيمة في نصيب العامل أخذ ربحا ولم يصل إليك ، وكذلك إن لم يهلك وتغير سوقه بنقص لم يقف العامل على جزئه من الربح يوم الشراء ، فقد يكون الباقي كفاف رأس المال ، فيكون أخذ ربحا دونك ، وإن اشترى غير عالم ، فعليه الأكثر من الثمن أو القيمة يوم يقام عليه ; لأنه متعد بالشراء ، وإن علم أنه ولده وجهل الحكم وظن جواز ملكه عتق بالقيمة ، وهلاكه قبل النظر فيه من صاحب المال ، إلا قدر ما ينوب العامل من الربح ، فإن كان معسرا وفي المال فضل بيع بقدر رأس المال ونصيبه من الربح وعتق الفاضل عليه .

                                                                                                                تمهيد : مذهبنا هاهنا مبني على خمس قواعد ، أحدها : أن من ملك أصوله أو فصوله عتقوا عليه وفي غيرهم خلاف ، وثانيها : أن العلم بأن مشتراه قريبه يقتضي ظاهر حاله أنه التزم ثمنه برا به ، وإلا فالطباع تميل إلى امتهان الأجانب بالملك دون الأقارب ; فمخالفة الطبع تدل على ذلك . وثالثها : أن المليء إذا أعتق شقصا بالإنشاء أو عتق عليه بالملك كمل عليه للحديث . ورابعها : أن كل ما يشتريه يقع على ملكك صلح للتنمية أم لا لظاهر التفويض إليه . وخامسها : أن التسبب في الإتلاف يوجب الضمان ، فإذا تسبب بإدخال قريبك في ملكك ضمن ، ومعنى قول الأصحاب عتق على العامل معناه : الغرم عليه ، وإلا فالعتق عليك ، وقال ( ش ) : إذا اشترى من يعتق عليك بعين مال القراض بطل الشراء ، أو في الذمة صح ولا يعتق ; لأنه على ملكه ، فإن دفع من مال القراض ضمنه ; لأن مقصود القراض التنمية فلا يقبل ما يبطلها ، وإن اشترى من [ ص: 83 ] يعتق عليه وليس في المال ربح ، فالشراء ماض للقراض لعدم التعدي عليك ، أو فيه ربح ، وقلنا : لا يملك بالظهور صح أيضا ، ولو قلنا : يملك لم يصح الشراء لمناقضة مقصود القراض ، فهذا تفريع ( ش ) وقواعده .

                                                                                                                فرع : في الكتاب إذا وطئ العامل أمة من المال فحملت وله مال ضمن قيمتها وجبر بها رأس المال للشبهة في المال من حيث الجملة . قال صاحب التنبيهات : قيل معناه : اشتراها للقراض وتعدى في الوطء ، وقيل : لا فرق وتلزمه القيمة إن كان موسرا ، وإلا بيعت واتبع بقيمة الولد إن لم يكن في ثمنها فضل عن قيمتها ، وهذا أصل لمالك ، وقول ابن القاسم ضعيف عندهم ، قال ابن يونس : قال محمد : عليه الأكثر من قيمتها يوم الوطء أو يوم الحمل أو الثمن ; لأنه رضي بالثمن ، والحمل والوطء سبب إتلاف ، فله اعتبار أيهما شاء . قال ابن القاسم : وإن لم يكن له مال اتبع بقيمتها يوم الوطء . ولا يقبل قوله في عدمه أنه إنما اشتراها للقراض ; لاتهامه في الإقرار ببيع أم ولده وبدفع الدين عن ذمته ، فإن شهدت بينة بذلك ، بيعت في عدمه وإن لم تحمل - وهو عديم ، بيعت فيما يلزمه من القيمة ، وعن مالك : إن حملت وهو عديم ولا ربح فيها تباع إذا وضعت فيما يلزمه من الدين ; لأن الدين مقدم على العتق ، ويتبع بقيمة الولد يوم وضعته إلا أن يكون فيه فضل فيباع منها بقدر رأس المال وقدر حصة ربه من الربح ، والباقي أم ولده ، قال ابن القاسم : وإن استلف من مال القراض ثمن الأمة فحملت ، [ ص: 84 ] أخذ منه الثمن في عدمه وملائه ; لأنه دين عليه ، قال ابن حبيب : سواء وطئها من القراض أو اشتراها لنفسه من مال القراض فتحمل ، فإنه يرد الأكثر من ثمنها أو قيمتها يوم الوطء ; لأنه متعد في تسلف ذلك ، ولنا ملاحظة تقديرها في القراض ، إلا إن كان فيها فضل عن الثمن بيع بقدر الثمن وحصتك من الربح ووقف نصيبه منها ، لعله ييسر فيشتري باقيها وتبقى أم ولد له ، وإن لم يكن فيها فضل بيعت كلها في الثمن ، فإن لم توف اتبع بتمامه ، والولد في ذلك كله لا شيء فيه لضمانها بالوطء ، فالولد نشأ على ملكه ، وتسوية ابن حبيب بين ما يشتريه لنفسه وجارية القراض ضعيف ، وقوله : لعله ييسر فيشتري باقيها فتكمل أم ولد ، إنما تكون أم ولد إذا أولدها ثانية ، وقوله ليس عليه في الولد شيء فيه خلاف .

                                                                                                                فرع : في الكتاب إذا أعتق من القراض عبدا جاز ; لأنه التزمه ويغرم لك رأس مالك وحصتك من الربح إن كان مليئا ، وإلا بيع بقدر رأس المال وحصتك من ربحه وعتق الباقي ، ولو أعتقته أنت جاز وضمنت حصة العامل . قال صاحب التنبيهات : قيل معناه : من الثمن أو القيمة لزم العتق ، وكذلك الجواب في الجارية يطؤها فتحمل ، قال اللخمي : يعتق بالقيمة على العامل إذا اشتراه للقراض وهو موسر ، وإن اشتراه لنفسه فالأكثر من الثمن والقيمة يوم العتق ، فإن كان معسرا رد العتق إلا أن يكون فيه فضل فيعتق الفضل . وقال غيره : إنك بالخيار في إمضاء عتقه ورده - وإن كان موسرا إلا أن يكون فيه فضل فينفذ العتق لنصيبه فيه .

                                                                                                                فرع : قال صاحب المقدمات : مسائل هذا الباب أربع : من يعتق عليه أو عليك ، أو [ ص: 85 ] يعتق عبدا أو جارية من القراض ، أو يطؤها فتحمل ، وشراؤه من يعتق عليه - فيه ثمان مسائل : أربع في العالم ، وأربع في غير العالم ; لأن العالم الموسر إما مع الربح أو عدمه ، والعالم المعسر إما مع الربح أو عدمه ، وكذلك غير العالم ; فالعالم الموسر مع الربح يعطي رأس المال وحصتك من الربح يوم الحكم إلا أن يكون الثمن أكثر من الثمن يوم الحكم فيعطيك مالك وحصتك من الربح من الثمن لرضاه بالثمن عند الشراء فلك أخذه بالأكثر ، وقال المغيرة : يعتق عليه قدر حصته ، وتقوم عليه حصتك يوم الحكم ، وأما العالم الموسر ولا ربح يعطيك الأكثر من القيمة يوم الحكم والثمن ; لأن علمه يقتضي رضاه بالثمن ، وقال المغيرة : لا عتق لعدم الفضل ، ويباع ثمنه لك ، وأما العالم المعسر مع الربح ، فقوله في الكتاب يباع بقدر رأس المال وربحك - يريد يوم الحكم ويعتق ما بقي إن كان مثل القيمة يوم الحكم ، أو أقل ، وأما الأكثر من القيمة يوم الحكم فتتبعه بما يجب لك من الزائد في ذمته نحو شرائه بمائتين ورأس المال من ذلك مائة ، وقيمته يوم الحكم مائة وخمسون ، فيباع لك منه بقدر رأس مالك وحصتك من الربح يوم الربح ، وذلك مائة وخمسة وعشرون ، وبيعه بخمسة وعشرين ; لأن الواجب لك من المائتين مائة وخمسون ، وإن أردت فخذ من العبد برأس مالك وحصتك من الربح يوم الحكم على ما يساوي جملة ; لأنه أوفر لنصيبه الذي يعتق به لضرر الشركة في البيع ، وليس لك الأخذ بما يباع به لو بيع ، وأما العالم المعسر مع عدم الربح فلا يعتق عليه ويتبع بالثمن إلا أن يشاء ، فيباع ويدفع الثمن لك إلا أن يكون ثمن الشراء أكثر ، فله اتباعه بالزائد لعلمه بذلك عند الشراء ، وأما غير العالم المعسر مع الربح يقوم عليه سائره يوم الحكم ، كعتق أحد الشريكين [ ص: 86 ] وهو موسر وهو مراده في الكتاب ، ولم يخالف المغيرة هاهنا بل مع العلم . وأما غير العالم الموسر مع عدم الربح فيباع ويدفع لك مالك ، وكذلك المعسر ، وأما غير العالم المعسر مع الربح يباع منه بقدر رأس مالك وحصتك من الربح يوم الحكم ، وبعتق الباقي ولك الأخذ منه بقدر رأس مالك وحصتك على ما تساوي جملته ; لأنه أوفر للعتق ، وليس لك الأخذ بما كان يباع منه ، قال : وأما شراؤه من يعتق عليك ففيه ثمان مسائل كما تقدم ، فالعالم الموسر مع الربح يوم الشراء يعتق ، فإنه يعتق عليه ويعطيك رأس مالك وحصتك من الربح إن كان فيه ربح يوم الشراء ، وإلا فالثمن الذي اشتراه به - وإن كانت قيمته أكثر لعدم الربح بالعتق عليه ، وأما المعسر مع الربح يوم الشراء يباع منه لك برأس مالك وحصتك من الربح ، وإن فضل شيء عتق ، وإن لم يساو إلا أقل من ذلك بيع جميعه لك واتبعه بما نقص من رأس مالك وحصتك ، وأما غير العالم فإنه يعتق عليك وتقوم حصة ربحه يوم الشراء عليك كعتق أحد الشريكين إن كان ربح ، فإن لم يكن لك مال بقي حظه رقيقا - كان العامل مليئا أم لا ، ومعنى قوله في الكتاب عتق عليك - يريد يوم الشراء ، وقوله يدفع للعامل حصة ربحه - يريد به يوم الشراء ، وقوله إذا اشترى قريبك عالما يعتق عليه ويؤخذ منه الثمن يريد وإن كانت القيمة أكثر من الثمن المشترى به ; لأنك لا تربح فيمن يعتق عليك ، بخلاف إذا اشترى من يعتق عليه وهو عالم ، فإن اشترى من يعتق عليك وكان ربح الشراء نحو رأس المال مائة قبل ، فيصير مائتين فيشتري بهما فلا يؤخذ منه جميع الثمن بل مائة وخمسون رأس المال وحصتك من الربح . وقوله في الكتاب : إن لم [ ص: 87 ] يكن له مال بيع وأعطيت رأس مالك وحصتك من الربح ، يريد الربح يوم الشراء نحو رأس المال مائة فصار مائتين ، فاشتراه بهما وهو عالم معدم فيباع بمائة وخمسين ويعتق الفاضل ، كان ربع العبد أم لا ; لأنه إن يساوي أكثر لم يمكن أن يباع لك بأكثر من ذلك ; لأنه الذي يعدى عليه من مالك ، ولأنه تعذر ملكه لك فتعذر ربحه ، وإن ساوى أقل ، بيع ولو جميعه لعدو أن العامل عليك في ذلك القدر ، وإن ساوى أقل اتبعته ، وهو معنى قوله في الكتاب : وفي شرائه من يعتق عليك وهو عالم ستة أقوال : قول الكتاب يعتق عليه إن كان له مال وإلا بيع ويعتق عليك في كتاب الرهون ما يقتضيه ، وفي كتاب العتق ما يقتضي أن البيع لا يجوز ، وعن ابن القاسم : لا يعتق على واحد منكما ، وعن مالك أنه يضمن الثمن وله العبد . والسادس : يخير بين أخذه فيعتق عليك وللعامل فضله إن كان ، وبين تضمينه لتعديه ، فإن لم يعلم فقولان في الكتاب يعتق عليك ، وعن ابن القاسم لا يعتق على واحد منكما ، وأما إن أعتق رقيقا من القراض ، فإن اشتراه للعتق عتق وغرم لك رأس مالك وحصتك ، وإن اشتراه للقراض موسر فقيمته يوم العتق إلا حصة الربح ، وعلى قول الغير في المدونة وهو المغيرة إن كان ربح عتق نصيبه وقوم عليه نصيبك ، وإن لم يكن ربح ، لم يعتق عليه منه شيء وهذا إن اشتراه بجميع المال ، وإلا إن اشتراه ببعضه عتق عند ابن القاسم ، وجبر القراض من ماله بقيمته يوم العتق - إن اشتراه أو الثمن إن اشتراه خلافا للمغيرة ، وأما المعسر فلا يعتق عليه شيء إلا أن يكون فيه فضل فتعتق حصته ويباع الباقي لك ، وأما إذا اشترى جارية للقراض فأحبلها موسرا جبر القراض بقيمتها يوم الوطء ، أو معسرا ولا فيها فضل بيعت واتبع بقيمة الولد ، أو فيها فضل فقيل : تباع لك برأس مالك وربحك ، والباقي أم ولد له ، وقيل : كالأمة [ ص: 88 ] بين الشريكين يطؤها أحدهما فيحبلها ولا مال له على الاختلاف المعلوم في ذلك ، وإن اشترى للوطء فأحبلها ، قال ابن القاسم مرة عليه الثمن ومرة قال : عليه القيمة فيجبر بها القراض إن كان له مال وإلا بيعت ، وهذا إن لم يكن فيها فضل ، فإن كان فعلى الاختلاف المتقدم ، قال : هكذا حكى الاختلاف بعض أهل النظر ، قال : والذي أراه أن الاختلاف في بيعها - إذا حملت وهو معدم ، إنما هو إذا اشترى ووطئ ولم يعلم أكان اشتراها للقراض أو لنفسه أو استلف من القراض ، فحمله مالك على القراض دون السلف فباعها في القيمة إذا عسر ، وحملها ابن القاسم على السلف فقال : لا تباع ، أما إذا علم شراؤها للقراض ببينة تباع اتفاقا فيما لزمه من القيمة ، أو شراؤها لنفسه من القراض فلا تباع ويتبع بالثمن المشترى به اتفاقا .

                                                                                                                فرع : في النوادر قال ابن القاسم : إذا كاتب عبدا من القراض ، فله رده وما قبض منه كالغلة ، قال أحمد بن ميسر : مالم يؤد عنه أجنبي ليعتقه ، فإن أجزت عتقه فلا شيء له من ولائه ، إلا أن يكون فيه فضل فبقدر حصته ، وليست الكتابة كالعتق في الرد لنفوذ عتق الوصي لعبد يتيمه ، وتلزمه القيمة ولا تنفذ كتابته ، وقال الأبهري : إذا اشترى جلودا فبارت عليه فقطعها خفافا فليستأجر عليها ولا يعملها هو أخذ أجرة أم لا قاله مالك ; لأنه إن أخذ فهي إجارة وقراض ، وإلا فذلك كزيادة اشترطها ، وعن مالك له الأجرة ; لأن أثر صنعته موجود .

                                                                                                                [ ص: 89 ] فرع : قال : يمتنع خذ هذا القراض على أن يخرج مثله ويكونا شريكين ; لأن القراض لا يضم إلى عقد الشركة خلافا للشافعية ، فإن اشتركتما بعد العقد جاز .

                                                                                                                فرع : قال : معه مائة قراض اشترى بمائتين إحداهما مؤجلة فباع بربح . اقتسما الربح على المائة القراض والقيمة المؤجلة إن لو كانت عروضا إلى ذلك الأجل .

                                                                                                                فرع : قال صاحب المنتقى : لا يملك العامل حصته بالظهور بل بالقسمة ، وقاله : ( ش ) خلافا لأبي حنيفة ; لأن سبب الاستحقاق العمل ، فلا يستحق إلا بعده وهو المشهور ، وعن مالك بالظهور ; لأنهما شريكان ، وفي الجواهر المشهور له حق مؤكل يورث عنه ، ولو أتلف المالك أو أجنى المال غرم حصته ، ولو كان في المال جارية حرم على المالك وطؤها ، وعلى الشاذ يملك بالظهور ملكا مزلزلا ; لأنه وقاية لرأس المال عن الخسارة .

                                                                                                                فرع : في الكتاب إذا باع سلعة بثمن إلى أجل بإذنك ، امتنع شراؤك إياها نقدا بأقل من الثمن سدا للذريعة .

                                                                                                                فرع : في المقدمات في اشتراط أحدكما زكاة ربح المال أربعة أقوال : جوزه ابن [ ص: 90 ] القاسم منكما في المدونة لرجوعه إلى جزء معلوم ، ومنعه من كليكما ، ويجوز لك دون العامل ، وعكسه مخرج غير منصوص على القول بأن المشترط يدفع المشترط عليه بالغرر إنما يكون في اشتراطك دونه ، فإن وجبت الزكاة نقص نصيبه ، وإلا فلا ، وأما اشتراطه عليك فيكون لك الفضل مطلقا . والثالث يتخرج على القول بأن المشترط يكون لمشترطه إن لم يكن في المال زكاة ، ويتخرج الثاني على القول بأنه يكون بينكما إن لم تكن زكاة فيحصل الغرر بالتقديرين ، وحمل قول المدونة على الأغلب من أن النضوض لا تكون قبل الحول ، وإن كان المال دون النصاب ، فالغالب كماله ، وفي المنتقى يمتنع اشتراط زكاة المال عليه بخلاف زكاة ربحه ; لأنها قد تستغرق حصته ، ويجوز اشتراط زكاة المال عليك ، فإن شرط زكاة المال عليك من رأس مالك منعه ابن القاسم للجهالة ، وقيل : يجوز لرجوعه إلى جزء معلوم .

                                                                                                                فرع : في المنتقى إذا قام غرماؤه عليه ببلد غائب عنك لا يباع لهم ليأخذوا من الربح ; لأن أخذه إنما يكون بعد المقاسمة ، أو قام غرماؤه والمال عين ، قضي الدين ودفع له حصته من الربح - قاله مالك - أو سلع لم يحكم بالبيع حتى يرى له وجه لتعلق حقه بالقراض .

                                                                                                                فرع : في الجواهر إذا نض المال بخسارة أو ربح امتنع عند ابن القاسم أخذ قراض آخر - لا على الخلط ولا على الانفراد كان الجزء متفقا أو مختلفا للتهمة ، [ ص: 91 ] وأجازه غيره بثلاثة شروط : وجود الربح لئلا يتهم على التمادي للتنمية ، وموافقة الجزء لئلا يزيد أو يضع للتمادي على القراض ، وعدم الخلط ليبرأ من التهمة في القراض الأول .

                                                                                                                فرع : قال : إذا عامل عاملا آخر بغير إذنك فإن اتفق الجزآن فالربح بين العامل الثاني وبينك ولا شيء للأول لعدم عمله ، وإن اختلفا فكان الأول أكثر من الثاني ، فالزائد لك أو أقل فلك شرطك عملا بالعقد ، ويرجع الثاني على الأول ، وقيل للثاني : حصته كاملة وترجع أنت على الأول بباقي حصتك .

                                                                                                                فرع : قال : أخذ ألفين فتلفا بعد الشراء وقبل النقد فأخلفتهما ، فرأس المال ما أخلفته خاصة وإن لم تخلفهما فالسلعة على ملكه ; لأنه المباشر والعهدة عليه ، وقال المغيرة : تجبر على الخلف ; لأنك أدخلته في العقد ، ولو تلف أحدهما قبل الشراء فعمل في البقية فرأس المال ألفان ، وإن اشترى بألفين فتلف أحدهما قبل النقد فعوضته فرأس المال ثلاثة آلاف ; لأنه زيادة على ما استحقه عقد الشراء ، فإن امتنعت عوض العامل وشارك بالنصف ولو تسلف نصف المال فأكله ، فرأس المال الباقي لضمانه المتسلف ولا ربح للمتسلف ولو ربح في مائة فأنفق مائة تعديا ثم تجر بمائة فربح ، فمائة في ضمانه وما ربح أولا وآخرا بينكما ، ولو ضاع ذلك ولم يبق إلا المائة التي في ذمته ضمنها ولا ربح ; إذ لا ربح إلا بعد رأس المال ، فإن اشترى بالمال وهو مائة عبدا يساوي مائتين فجنيت عليه ما ينقصه مائة وخمسين ، [ ص: 92 ] ثم بيع بخمسين فعمل فيها فربح أو خسر لم تكن جنايتك قبضا لرأس مالك وربحه حتى تحاسبه وتفاصله وإلا فذلك دين عليك مضاف لهذا المال .

                                                                                                                فرع : في النوادر إذا ترك صاحب المركب الأجرة وقال صاحب المال : أولاني خيرا اختص الكراء بك إن لم يعلم صاحب المركب أن المال قراض أو علم وقال : ما تركها إلا لرب المال وهو مصدق ; لأنه أعلم بنيته ، وإن قال : تركتها مكافأة ولم يقل : لك فهي بينكما على قراضكما .

                                                                                                                فرع : قال صاحب المنتقى صفة القسمة أن تأخذ من العين مثل ما دفعت أو تأخذ به سلعا إن اتفقتما على ذلك ثم تقتسمان الباقي عينا أو سلعا - قاله مالك - وإن كان ديونا بإذنك فسلمها إليك جاز .

                                                                                                                فرع : قال : إذا تفاصلتما خلي للعامل مثل خلق القربة والجبة والأداة والغرارة ونحو ذلك وما له بال فيباع .

                                                                                                                فرع : في النوادر منع مالك أخذ القراض ليعطيه لغيره ; لأنك لم تستأمن الثاني ، وأجاز ابن القاسم بعد أخذ القراض أن يبضع بإذنك ، بخلاف قبل أخذه لنفسه فيمتنع اشتراط ذلك عليه ; لأنه إجازة وقراض .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية