الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الوجه الخامس عشر أن الله سبحانه علم آدم الأسماء كلها . وقد ميز كل مسمى باسم يدل على ما يفصله من الجنس المشترك ويخصه دون ما سواه ويبين به ما يرسم معناه [ ص: 59 ] في النفس . ومعرفة حدود الأسماء واجبة ; لأنه بها تقوم مصلحة بني آدم في النطق الذي جعله الله رحمة لهم لا سيما حدود ما أنزل الله في كتبه من الأسماء كالخمر والربا .

                فهذه الحدود هي الفاصلة المميزة بين ما يدخل في المسمى ويتناوله ذلك الاسم وما دل عليه من الصفات وبين ما ليس كذلك ; ولهذا ذم الله من سمى الأشياء بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان . فإنه أثبت للشيء صفة باطلة كإلهية الأوثان .

                فالأسماء النطقية سمعية . وأما نفس تصور المعاني ففطري يحصل بالحس الباطن والظاهر وبإدراك الحس وشهوده ببصر الإنسان بباطنه وبظاهره وبسمعه يعلم أسماءها وبفؤاده يعقل الصفات المشتركة والمختصة .

                والله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة .

                فأما الحدود المتكلفة فليس فيها فائدة لا في العقل ولا في الحس ولا في السمع إلا ما هو كالأسماء مع التطويل أو ما هو كالتمييز كسائر الصفات .

                ولهذا لما رأوا ذلك جعلوا الحد نوعين : نوعا بحسب الاسم ; وهو بيان ما يدخل فيه . ونوعا بحسب الصفة أو الحقيقة أو المسمى وزعموا كشف [ ص: 60 ] الحقيقة وتصويرها والحقيقة المذكورة إن ذكرت بلفظ دخلت في القسم الأول وإن لم تذكر بلفظ فلا تدرك بلفظ ولا تحد بمقال إلا كما تقدم .

                وهذه نكت تنبه على جمل المقصود . وليس هذا موضع بسط ذلك .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية