الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
، فإن لم يكمل العدد خمسون رجلا كررت عليهم الأيمان حتى يكملوا خمسين يمينا لما روي أن الذين جاءوا إلى عمر رضي الله عنه من أهل وداعة كانوا تسعة وأربعين رجلا منهم فحلفهم ، ثم اختار منهم واحدا فكرر عليه اليمين وهذا ; لأن عدد اليمين في القسامة منصوص عليه ولا يجوز الإخلال بالعدد المنصوص عليه ويجوز تكرار اليمين من واحد كما في كلمات اللعان ولأولياء القتيل أن يختاروا في القسامة صالحي العشيرة من الذين وجد بين أظهرهم القتيل فيحلفونهم ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخ القتيل اختر منهم خمسين رجلا } فدل أن الخيار إليه ، وهو حقه يستوفى بطلبه وإليه تعيين من يستوفي منه حقه وله أن يختار الشبان ، والفسقة منهم ; لأن تهمة القتيل عليهم أظهر وله أن يختار المشايخ ، والصلحاء منهم ; لأنهم يتحرزون عن اليمين الكاذبة أكثر مما يتحرز الفسقة ، فإذا علموا القاتل منهم أظهروه ولم يحلفوا وفي ظاهر الرواية القسامة على أهل المحلة ، والدية على عواقلهم وذكر في اختلاف زفر ويعقوب أن على قول زفر القسامة ، والدية على عاقلة أهل المحلة قياسا لأحد الموجبين على الآخر وعلى قول أبي يوسف لا قسامة على العاقلة ; لأن التحمل يجري في الدية ولا يجري التحمل في اليمين .

ولو اختاروا في القسامة أعمى ، أو محدودا في قذف كان ذلك لهم ; لأنهم أسوة غيرهم في الأهلية لليمين ، والنكول ، والخيار فيه إليهم دون الإمام ; لأن الحق لهم ، وإنما أراد بهذا الفرق بين هذا وبين اللعان فإن اللعان شهادة ، والمحدود في القذف ، والأعمى ليس لهما شهادة الأداء فأما هذه فيمين محضة قال في الأصل وكل ما يلزم العاقلة يلزم أهل الديوان ، والمعاقلة من أهل الديوان ولا يلزم النساء ، والذرية من ذلك شيء ولا يؤخذ من الرجل في كل سنة إلا ثلاثة دراهم ، أو أربعة لما روي أن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين وفرض الأعطيات جعل المعاقل عليهم في أعطياتهم على كل رجل في كل سنة ثلاثة دراهم ، أو أربعة وهذا عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه العاقلة هم العشيرة على ما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا ترى ) أنه قال في حديث الجنين لأولياء الضاربة قوموا فدوه ، ولكنا نقول ما كانت الدواوين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما كانوا يتناصرون بالقرابة بعد الدين فلما دون عمر رضي الله عنه الدواوين جعل التعاقل بالديوان ; لأنه باعتبار التناصر ، والتناصر بالديوان دون القبيلة فإن أهل الديوان ، وإن كانوا من قبائل شتى يقوم بعضهم بنصرة بعض وربما تظهر العداوة مع من هو من قبيلته من أهل ديوان آخر أكثر مما تظهر مع غيره على ما [ ص: 111 ] روي أنه في الجمل وصفين كان يقوم أهل كل قبيلة من أحد الصفين بمقاتلة تلك القبيلة من الصف الآخر ، ثم الأخذ من العاقلة على وجه لا يؤدي إلى الإجحاف بهم وذلك في أن يؤخذ منهم في كل سنة القدر الذي سمي ، فإن لم يسع ديوان أولئك القوم ضم إليهم أقرب القبائل إليهم في النسب حتى لا يقع على كل واحد منهم إلا ثلاثة دراهم ، أو أربعة ولا يدخل في ذلك النساء ، والذراري ; لأنهم أتباع لا تقوم النصرة بهم وتمام بيان هذا الكلام في هذا الفصل في كتاب المعاقل ، والقبائل .

التالي السابق


الخدمات العلمية