الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 283 ] مسألة [ نسخ كل واحد من القول والفعل بالآخر ]

                                                      ظاهر مذهب الشافعي كما قاله الماوردي ، والروياني أن القول لا ينسخ إلا بالقول ، وأن الفعل لا ينسخ إلا بالفعل . وقال بعض أصحابنا : يجوز نسخ كل واحد منهما بالآخر ، لأن كلا منهما سنة يؤخذ بها . وقد { قال صلى الله عليه وسلم في السارق : فإن عاد في الخامسة فاقتلوه } ، ثم رفع إليه سارق في الخامسة ، فلم يقتله ، فدل على أنه منسوخ . وقال : { الثيب بالثيب جلد مائة والرجم } ، ثم رجم ماعزا ولم يجلده ، فدل على أن الجلد منسوخ . وما حكيناه عن بعض الأصحاب صححه الشيخ في " اللمع " وهو الذي يقتضيه مذهب الشافعي ، فإنه ذكر في إيجاب القعود إذا صلى الإمام قاعدا أنه نسخ بفعله صلى الله عليه وسلم في مرض موته .

                                                      وقال القاضي : يجوز نسخ الفعل بالفعل إذا علم كونهما مثبتين لحكمين متنافيين ، فأما النسخ بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم على الفعل أو المنع منه فقد ذكرناه في باب الأخبار . قال : واختلف أيضا في نسخ قوله بفعله فأجازه قوم ومنعه آخرون . والصحيح الجواز . [ ص: 284 ] وقال ابن عقيل من الحنابلة : لا يجوز النسخ بالأفعال ، وإن جعلناها دالة على الوجوب دون دلالة صريح القول ، والشيء إنما ينسخ بمثله أو بأقوى منه . وقال ابن فورك : إذا أقر على غير ما أمر به ، هل يدل إقراره على نسخ الأول ؟ وجهان : أحدهما : أنه يقع به نسخ ، كما يقع به التخصيص على قولنا : إن الفعل يدل على الوجوب . ومن توقف في الفعل قال : ويستدل بإقراره على أنه قد سبقه قول نسخ به الأمر الأول ، لأن فعله يقع تخصيصا ، ويقع متعديا ، فمن قال بهذا فإنه يقول في حديث معاذ : وكان قد تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ قول في ذلك ، ثم قال : سن لكم معاذ سنة فاتبعوه ، فأضافها إليه تنويها بذكره ، لما كان هو المبتدي به . ومن قال بالأول جعل سكوته على الإنكار نسخا له .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية