الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                واختلف في المال الذي تندب فيه الوصية أو تجب على الخلاف ، فعن علي رضي الله عنه : ألف درهم ، وترك اليسير للورثة أفضل ؛ لقوله عليه السلام : ( لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ) .

                                                                                                                وعن عائشة رضي الله عنها : لا يوصي في ثلاثة آلاف من له أربعة أولاد ، ولا وصية لوارث إجماعا ، لما في أبي داود .

                                                                                                                قال عليه السلام : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، ألا لا وصية لوارث ) وهو الحديث الثالث ؛ ولأنها لو جازت لانتقصت قسمة الله تعالى في المواريث ، فإن أوصى لغير قرابته ردها طاوس على قرابته الذين لا يرثون ، وقال الطحاوي : من أوصى لغير قرابته ختم عمله بمعصية ، وقال ابن المسيب : إن أوصى لغير قرابته دفع لقرابته ثلث الثلث ، ويمضى لمن أوصى له ، وقال الأئمة : [ ص: 8 ] إذا ترك قرابته محتاجين وأوصى لغيرهم بئس ما فعل ويمضى ؛ لأنه ماله ويفعل فيه ما شاء ؛ لقوله عليه السلام : ( إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم ) الحديث الرابع : في مسلم : قال سعد بن أبي وقاص : ( عادني عليه السلام في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت ، فقلت : يا رسول الله ، بلغ بي ما ترى من الوجع ، وأنا ذو مال ، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة ، أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : لا ، قال : أفأتصدق بشطره ؟ قال : لا ، قلت : فالثلث ؟ قال : الثلث والثلث كثير ، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ) .

                                                                                                                قال صاحب التنبيهات : روي عن مالك في الحديث الثاني : يريد أن يوصي فيه ، وتفويض ذلك إلى إرادته يقتضي عدم الوجوب ، ومنهم من خصص الوجوب بما له بال وجرت العادة بالوصية فيه ؛ لأن تكليف الوصية كل يوم شطط ، وخصصه بعضهم بالمرض ، ومعنى قوله : مكتوبة عند العلماء ، أي مشهود عليها وإلا فلا تمضى إلا أن يكتبها بخطه ، وقال : إذا مت نفذوها ، فتنفذ إذا عرف أنه خطه ، قال ابن يونس : قيل : معنى الحديث : بقيت موعوكا ، قال صاحب المقدمات : الحديث محمول على الندب ، وهو في الصحيح والمريض ؛ لأن الصحيح قد يموت فجأة ، وهي في المريض آكد ، ومتى كان المال قليلا فترك الوصية وإبقاؤه للمال أفضل . قال اللخمي : الوصية [ ص: 9 ] خمسة أقسام : واجبة في حقوق الله تعالى - كالزكاة والكفارات فرط فيها أم لا - وحقوق الآدمي كالدين والوديعة إذا لم يتقدم الإشهاد بها ، وكذلك الغصوب والتعدي ، ومندوبة وهو فيه ما فيه قربة ولا يضر الوارث لكثرة المال ، ويظن فيها من الثواب أكثر من ثواب الترك للوارث ، ومكروهة وهي التي يكون الثواب في الترك أكثر ، ومباحة وهي إذا استويا ولا تتعلق بها طاعة ولا معصية ، ومحرمة وهي التي تتعلق بها معصية .

                                                                                                                وتنقسم بوجه آخر إن كان الموصى له موسرا فهي مباحة ، أو معسرا فمستحبة ، وإن كان معسرا وقريب الموصي كذلك استحبت للقريب وكرهت للأجنبي ، وقاله الأئمة ؛ لأنها في القريب صلة وصدقة ، فإن استوت القرابات درجة وإعسارا قدم الأقرب ، والصغير أولى من الكبير لتوخر حاجة الصغير وعجزه ، ومتى كان قبل الصحيح حق لله تعالى وجب إيصاله الآن لمستحقه ولا يجعله وصية ، وإن كان عنده وديعة أو قراض تقدم الإشهاد فيه اختلف في وجوب الإشهاد واستحبابه بناء على أن الأمر للوجوب أم لا .

                                                                                                                ثم الوصية تنقسم إلى ما يفيد الأمر بتنفيذ تصرف الموصي ومقاصده . وإلى ما يفيد ولاية للغير في إنشاء مقاصد الموصي في ماله أو ولده :

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية