الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثالث : وفي قدر الواجب ، فما كان مثليا ضمن بمثله . وما كان متقوما ، فبالقيمة .

                                                                                                                                                                        وفي ضبط المثلي أوجه ، أحدها : كل مقدر بكيل أو وزن فهو مثلي ، وينسب هذا إلى نص الشافعي رضي الله عنه ، لقوله في المختصر : وما له كيل أو وزن ، فعليه مثل كيله أو وزنه . والثاني : يزاد مع هذا جواز السلم فيه . والثالث : زاد القفال وآخرون اشتراك جواز بيع بعضه ببعض . والرابع : ما يقسم بين الشريكين من غير تقويم . والخامس ، قاله العراقيون : المثلي ما

                                                                                                                                                                        [ لا ] تختلف أجزاء النوع منه في القيمة ، وربما قيل في الجرم والقيمة . ويقرب منه قول : من [ ص: 19 ] قال : المثلي : المتشاكل في القيمة ومعظم المنافع . وما اختاره الإمام ، هو تساوي الأجزاء في المنفعة والقيمة ، فزاد المنفعة ، واختاره الغزالي ، وزاد من حيث الذات لا من حيث الصنعة . والوجه الأول منقوض بالمعجونات . والثالث : بعيد عن اختيار أكثر الأصحاب لأنهم أعرضوا عن هذا الشرط ، وقالوا : امتناع بيع بعضه

                                                                                                                                                                        [ ببعض ] لرعاية الكمال في حال التماثل بمعزل عما نحن فيه . والرابع : لا حاصل له ، فإنه منتقض بالأرض المتساوية ، فإنها تنقسم كذلك ، وليست مثلية : والخامس : ضعيف أيضا منتقض بأشياء ، فالأصح الوجه الثاني ، لكن الأحسن أن يقال : المثلي : ما يحصره كيل أو وزن ، ويجوز السلم فيه ، ولا يقال : مكيل أو موزون ، لأن المفهوم منه ما يعتاد كيله ووزنه ، فيخرج منه الماء وهو مثلي ، وكذا التراب وهو مثلي على الأصح .

                                                                                                                                                                        ويحصل من الخلاف اختلاف من الصفر ، والنحاس ، والحديد ، لأن أجزاءها مختلفة الجواهر ، وكذا في التبر ، والسبيكة ، والمسك ، والعنبر ، والكافور ، والثلج ، والجمد ، والقطن ، لمثل ذلك . وفي العنب والرطب وسائر الفواكه الرطبة لامتناع بيع بعضها ببعض ، وكذا الدقيق . والأصح : أنها كلها مثلية . وفي السكر والفانيذ والعسل المصفى بالنار ، واللحم الطري ، للخلاف في جواز بيع كل منها بجنسه ، وفي الخبز ، لامتناع بيع بعضه ببعض ، وأيضا الخلاف في جواز السلم فيه . وأما [ ص: 20 ] الحبوب ، والأدهان ، والألبان والسمن ، والمخيض ، والخل الذي ليس فيه ماء ، والزبيب ، والتمر ، ونحوها ، فمثلية بالاتفاق . والدراهم والدنانير الخالصة مثلية . ومقتضى العبارة الثانية جريان خلاف فيها ؛ لأن في السلم فيها خلافا سبق .

                                                                                                                                                                        قلت : الصواب المعروف الذي قطع به الأصحاب : أنها مثلية . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وفي المكسرة الخلاف في التبر والسبيكة ، وأما الدراهم والدنانير المغشوشة ، فقال المتولي : إن جوزنا المعاملة بها فمثلية ، وإلا فمتقومة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية