الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1243 - ( 6 ) حديث : { لا يغلق الرهن من راهنه ، له غنمه وعليه غرمه }. ابن حبان في صحيحه والدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة [ ص: 84 ] مرفوعا : { لا يغلق الرهن ، له غنمه ، وعليه غرمه }. وأخرجه ابن ماجه من طريق إسحاق بن راشد ، عن الزهري ، وأخرجه الحاكم من طرق ، عن الزهري موصولة أيضا ، ورواه الأوزاعي ويونس وابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن سعيد مرسلا ورواه الشافعي عن ابن أبي فديك وابن أبي شيبة عن وكيع ، وعبد الرزاق عن الثوري ، كلهم عن ابن أبي ذئب كذلك ، ولفظه : { لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه ، له غنمه وعليه غرمه }.

قال الشافعي . غنمه زيادته ، وغرمه هلاكه . وصحح أبو داود ، والبزار ، والدارقطني ، وابن القطان إرساله ، وله طرق في الدارقطني والبيهقي كلها ضعيفة ، وصحح ابن عبد البر وعبد الحق وصله . وقوله : { له غنمه ، وعليه غرمه } ، قيل : إنها مدرجة من قول ابن المسيب ، فتحرر طرقه . قال ابن عبد البر : هذه اللفظة اختلف الرواة في رفعها ووقفها ، فرفعها ابن أبي ذئب ومعمر وغيرهما ، مع كونهم أرسلوا الحديث على اختلاف على ابن أبي ذئب ، ووقفها غيرهم .

وقد روى ابن وهب هذا الحديث فجوده ، وبين أن هذه اللفظة من قول سعيد بن المسيب . وقال أبو داود في المراسيل : قوله : { له غنمه ، وعليه غرمه } ، من كلام سعيد بن المسيب نقله عنه الزهري . وقال عبد الرزاق : إن معمرا ، عن الزهري ، عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يغلق الرهن ممن [ ص: 85 ] رهنه }. قلت للزهري : أرأيت قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يغلق الرهن }أهو الرجل يقول : إن لم آتك بمالك ، فالرهن لك ؟ قال : نعم ، قال معمر : ثم بلغني عنه أنه قال : إن هلك لم يذهب حق هذا ، إنما هلك من رب الرهن ، له غنمه ، وعليه غرمه .

وروى ابن حزم من طريق قاسم بن أصبغ ، نا محمد بن إبراهيم ، نا يحيى بن أبي طالب الأنطاكي وغيره من أهل الثقة ، نا نصر بن عاصم الأنطاكي ، نا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يغلق الرهن ، الرهن لمن رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه }.

قال ابن حزم : هذا سند حسن ، قلت : أخرجه الدارقطني من طريق عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي ، عن شبابة به ، وصححها عبد الحق ، وعبد الله بن نصر له أحاديث منكرة ذكرها ابن عدي ، وظهر أن قوله في رواية ابن حزم : نصر بن عاصم تصحيف ، وإنما هو عبد الله بن نصر الأصم ، وسقط عبد الله ، وحرف الأصم بعاصم .

قوله : روي أن عطاء بن أبي رباح كان يجوز وطء الجارية المرهونة بإذن مالكها . قال عبد الرزاق ، نا ابن جريج ، أخبرني عطاء قال : يحل الرجل وليدته لغلامه أو ابنه أو أخيه أو أبيه . والمرأة لزوجها ، وما أحب أن يفعل ذلك ، وما بلغني عن ثبت ، وقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه ، ثم روى بسنده عن طاوس أنه قال : هو أحل من الطعام ، فإن ولدت فولدها للذي أحلت له ، وهي لسيدها الأول . وأن ابن جريج ، أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاووسا يقول : قال ابن عباس : إذا أحلت المرأة للرجل أو ابنه أو أخيه جاريتها فليصبها ، وهي لها . وأن معمرا قال : قيل لعمرو بن دينار في ذلك فقال : لا تعار الفروج .

التالي السابق


الخدمات العلمية