الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 85 ] ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ( 21 ) لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا ( 22 ) وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( 23 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( انظر ( يا محمد ( كيف فضلنا بعضهم على بعض ( في الرزق والعمل [ الصالح ] يعني : طالب العاجلة وطالب الآخرة ، ( وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا لا تجعل مع الله إلها آخر ) الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : معناه لا تجعل أيها الإنسان [ مع الله إلها آخر ] ( فتقعد مذموما مخذولا ( مذموما من غير حمد مخذولا من غير نصر . قوله عز وجل ( وقضى ربك ( وأمر ربك قاله ابن عباس وقتادة والحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الربيع بن أنس : وأوجب ربك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مجاهد : وأوصى ربك .

                                                                                                                                                                                                                                      وحكي عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأ ووصى ربك . وقال : إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ( أي : وأمر بالوالدين إحسانا برا بهما وعطفا عليهما .

                                                                                                                                                                                                                                      ( إما يبلغن عندك الكبر ( قرأ حمزة و الكسائي بالألف على التثنية فعلى هذا قوله : ( أحدهما أو كلاهما ( كلام مستأنف كقوله تعالى : " ثم عموا وصموا كثير منهم " ( المائدة - 71 ) وقوله : " وأسروا النجوى الذين ظلموا " ( الأنبياء - 3 ) وقوله : " الذين ظلموا " ابتداء وقرأ الباقون " يبلغن " على التوحيد . [ ص: 86 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ( فلا تقل لهما أف ( فيه ثلاث لغات قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب : بفتح الفاء وقرأ أبو جعفر ونافع وحفص بالكسر والتنوين والباقون بكسر الفاء غير منون ومعناها واحد وهي كلمة كراهية .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو عبيدة : أصل التف والأف الوسخ على الأصابع إذا فتلتها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : " الأف " : ما يكون في المغابن من الوسخ و " التف " : ما يكون في الأصابع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : " الأف " : وسخ الأذن و " التف " وسخ الأظافر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : " الأف " : وسخ الظفر و " التف " : ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ولا تنهرهما ( ولا تزجرهما .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وقل لهما قولا كريما ( حسنا جميلا لينا قال ابن المسيب : كقول العبد المذنب للسيد الفظ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : لا تسميهما ولا تكنهما وقل : يا أبتاه [ يا أماه ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد في هذه الآية أيضا : إذا بلغا عندك من الكبر ما يبولان فلا تتقذرهما ولا تقل لهما أف حين تميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية