الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : إما شاكرا وإما كفورا : حالان من الهاء في {فجعلناه} ؛ والتقدير : إما نخلقه شاكرا ، وإما كفورا ، وأجاز الكوفيون كون (إن) للجزاء ، و (ما) زائدة ، ولم يجزه البصريون؛ إذ لا تدخل (إن) للجزاء على الأسماء ، إلا أن يضمر بعدها فعل ، ولو أضمر ههنا؛ للزم رفع (شاكر) و (كفور) ، ومع ذلك؛ فليس يكون في الكلام دليل على الفعل المضمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وترك صرف {سلاسلا} و {قواريرا} ظاهر ، ومن صرفهما؛ فلأن هذه الجموع أشبهت الآحاد ، [فجمعت جمع الآحاد] ، فجعلت في حكم الآحاد؛ فصرفت ، وحكى الأخفش عن العرب صرف جميع ما لا ينصرف إلا (أفعل منك) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : عينا يشرب بها عباد الله : قيل : إن {عينا} بدل من {كافورا} ، وقيل : بدل من {كأس} على الموضع ، وقيل : هي حال من المضمر في {مزاجها} ، وقيل : هي منصوبة بإضمار فعل؛ كأنه قال : ويشربون ماء عين ، وإنما يصح كون قوله : {عينا} بدلا من {كافورا} إذا كان {كافورا} اسم ماء في الجنة ، فإن كان صفة للشرب؛ لم يصح كون {عينا} بدلا من {كافورا} ، وكان انتصابها على الوجوه الأخر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 556 ] متكئين فيها على الأرائك : حال من الهاء والميم في {جزاهم} ، والعامل فيه (جزى) ، ولا يعمل فيه {صبروا} ؛ لأن الصبر إنما كان في الدنيا ، والاتكاء في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      ودانية عليهم ظلالها : نصبها على تقدير : وجزاهم إسكان جنة دانية ، وقيل : هي حال معطوفة على {متكئين} ، و (الظلال) مرفوعة بـ {دانية} ، ولو قرئ برفع {دانية} على أن تكون (الظلال) مبتدأة ، و {دانية} الخبر؛ لجاز ، وتكون الجملة في موضع الحال من الهاء والميم في {جزاهم} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قدروها تقديرا : الضمير في {قدروها} للخزان ، أو للملائكة ، أو لأهل الجنة ، ومن قرأ : {قدروها} ؛ فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى ، وكأن الأصل : قدروا عليها ، فحذف حرف الجر؛ والمعنى : قدرت عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : عينا فيها تسمى سلسبيلا : {عينا} : بدل من (كأس) ، ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما : {رأيت} الأول غير معدى إلى مفعول ، [ ص: 557 ] و {ثم} ظرف ، وقال الفراء ، والأخفش : {ثم} مفعول به لـ {رأيت} ، والتقدير عند الفراء : وإذا رأيت ما ثم؛ فحذفت (ما) المفعولة ، وقامت (ثم) مقامها ، وحذف الموصول وإقامة صلته مقامه عند البصريين غير جائز .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {عاليهم} ؛ فهو مرفوع بالابتداء ، والخبر : ثياب سندس ، واسم الفاعل يراد به الجمع ، ويجوز في قول الأخفش أن يكون إفراده على أنه بمعنى فعل متقدم ، و {ثياب} مرتفعة به ، وسدت مسد الخبر ، والإضافة فيه على تقدير الانفصال؛ لأنه لم يمض ، وابتدئ به؛ لأنه اختص بالإضافة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {عاليهم} ؛ فهو منصوب على الحال ، والعامل في الحال يجوز أن يكون {لقاهم} ، أو {جزاهم} ، ويجوز أن يكون اسم الفاعل ظرفا؛ كقولهم : (هو ناحية من الدار) ، وعلى أن (عاليا) لما كان بمعنى : (فوق) ؛ أجري مجراه ، فجعل ظرفا . ومن رفع {خضر} ، [وجر {إستبرق} ؛ فـ {خضر} صفة لـ {ثياب} ، [ ص: 558 ] و {إستبرق} اسم جنس أضيفت (الثياب) إليه؛ كما أضيفت إلى (سندس) ، ويقويه قوله : ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق [الكهف : 31] .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جر {خضر} ]؛ جعله وصفا لـ {سندس} ؛ على الحمل على المعنى؛ لأن الثياب من السندس ، وأجاز الأخفش وصف اسم الجنس بالجمع على استقباح له .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ برفع {وإستبرق} ؛ عطفه على (الثياب) ؛ والمعنى : وثياب إستبرق ، فحذف المضاف .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في حذف همزة {إستبرق} ، وفتح قافه .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في : والظالمين أعد لهم في نصبه ورفعه ظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مكية ، وعددها : إحدى وثلاثون آية بغير اختلاف .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية