الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الثاني : الآخذ ، وهو كل شريك في رقبة العقار ، سواء فيه المسلم والذمي ، والحر ، والمكاتب . حتى لو كان السيد والمكاتب شريكين في دار ، فلكل منهما الشفعة على الآخر ، ولا شفعة للجار ، ملاصقا كان أو مقابلا . وفي وجه : للملاصق الشفعة ، وكذا للمقابل إذا لم ينفذ بينهما طريق ، وهو شاذ ، والصحيح المعروف : الأول . وإذا قضى الحنفي لشافعي بشفعة الجوار ، لم يعترض عليه في الظاهر ، وفي الحل باطنا خلاف ، موضعه كتاب الأقضية .

                                                                                                                                                                        قلت : ولا يقتضي قضاء الحنفي بشفعة الجوار على الأصح . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الدار إن كان بابها مفتوحا إلى درب نافذ ، ولا شركة لأحد فيها ، فلا شفعة فيها ولا في ممرها ، لأن هذا الدرب غير مملوك . وإن كان بابها إلى درب غير نافذ ، فالدرب مشترك بين سكانه . فإن باع نصيبه من الممر فقط ، فللشركاء الشفعة فيه إن كان منقسما كما سبق ، وإلا ففيه الخلاف السابق . وإن باع الدار بممرها ، فلا شفعة لشركاء الممر في الدار على الصحيح . فإن أرادوا أخذ الممر بالشفعة ، نظر ، إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار ، أو أمكنه فتح باب آخر إلى شارع ، فلهم ذلك على الصحيح إن كان منقسما ، وإلا فعلى الخلاف في غير [ ص: 73 ] المنقسم . وقال الشيخ أبو محمد : إن كان في اتخاذ الممر الآخر عسر ، أو مؤنة لها وقع ، وكانت الشفعة على الخلاف ، والمذهب : الأول . وإن لم يكن طريق آخر ، ولا أمكن اتخاذه ، ففيه أوجه . أصحها : لا شفعة لهم ، لما فيه من الإضرار بالمشتري . والثاني : لهم [ الأخذ ] والمشتري هو المضر بنفسه بشرائه هذه الدار . والثالث : إن مكنوا المشتري من المرور فلهم الشفعة ، وإلا فلا ، جمعا بين الحقين . وشركة مالكي سور الخان في صحنه ، كشركة مالكي الدور في الدرب الذي لا ينفذ ، وكذا الشركة في مسيل الماء إلى الأرض دون الأرض ، وفي بئر المزرعة دون المزرعة ، كالشركة في الممر .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        تثبت الشفعة للذمي على المسلم ، وعلى الذمي كثبوتها للمسلم ، فلو باع ذمي شقصا لذمي بخمر أو خنزير ، وترافعوا إلينا بعد الأخذ بالشفعة ، لم نرده . ولو ترافعوا قبله ، لم نحكم بالشفعة . ولو بيع الشقص ، فارتد الشريك ، فهو على شفعته إن قلنا : الردة لا تزيل المالك . وإن قلنا : تزيله ، فلا شفعة . فإن عاد إلى الإسلام ، وعاد ملكه ، لم تعد الشفعة على الأصح . وإن قلنا بالوقف ، فمات أو قتل على الردة ، فللإمام أخذه لبيت المال . كما لو اشترى معيبا ، أو بشرط الخيار ، وارتد ومات ، فللإمام رده . ولو ارتد المشتري فالشفيع على شفعته .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        دار نصفها لرجل ، ونصفها لمسجد ، اشتراه قيم المسجد له ، أو وهب [ له ] ليصرف في عمارته ، فباع الرجل نصيبه ، كان للقيم أخذه بالشفعة إن رأى فيه [ ص: 74 ] مصلحة ، كما لو كان لبيت المال شركة في دار ، فباع الشريك نصيبه ، فللإمام الأخذ بالشفعة . وإن كان نصف الدار وقفا ، ونصفها طلقا ، فباع المالك نصيبه ، فلا شفعة لمستحق الوقف على المذهب ، ولا شفعة لمالك المنفعة فقط بوصية أو غيرها .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        المأذون له بالتجارة ، إذا اشترى شقصا ، ثم باع الشريك نصيبه ، فله الأخذ بالشفعة ، إلا أن يمنعه السيد أو يسقط الشفعة . وله الإسقاط وإن أحاطت به الديون وكان في الأخذ غبطة ، كما له منعه من الاعتياض في المستقبل . ولو أراد السيد أخذه بنفسه ، فله ذلك .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يخفى أن الشركة لا تعتبر في مباشرة الأخذ ، وإنما هي معتبرة فيمن يقع الأخذ له ، بدليل الوكيل والولي ، والعبد المأذون ، فإن لهم الأخذ .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية