الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5022 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع أن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء وكان عبد الله إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم إن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وزاد فيه غيره عن الليث حدثني نافع قال ابن عمر لو طلقت مرة أو مرتين فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني : حديث ابن عمر في طلاق الحائض ، وتقدم شرحه مستوفى في أول كتاب الطلاق ، وقوله " وزاد فيه غيره عن الليث " تقدم بيانه في أول الطلاق أيضا حيث قال فيه " وقال الليث إلخ " وفيه تسمية الغير المذكور ، وقال ابن بطال ما ملخصه . المراجعة على ضربين ، إما في العدة فهي على ما في حديث ابن عمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بمراجعتها ولم يذكر أنه احتاج إلى عقد جديد ، وإما بعد العدة فعلى ما في حديث معقل ، وقد أجمعوا على أن الحر إذا طلق الحرة بعد الدخول بها تطليقة أو تطليقتين فهو أحق برجعتها ولو كرهت المرأة ذلك ، فإن لم يراجع حتى انقضت العدة فتصير أجنبية فلا تحل له إلا بنكاح مستأنف . واختلف السلف فيما يكون به الرجل مراجعا ، فقال الأوزاعي إذا جامعها فقد راجعها وجاء ذلك عن بعض التابعين وبه قال مالك وإسحاق بشرط أن ينوي به الرجعة ، وقال الكوفيون كالأوزاعي وزادوا : ولو لمسها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة ، وقال الشافعي لا [ ص: 394 ] تكون الرجعة إلا بالكلام ، وانبنى على هذا الخلاف جواز الوطء وتحريمه ، وحجة الشافعي أن الطلاق مزيل للنكاح ، وأقرب ما يظهر ذلك في حل الوطء وعدمه ، لأن الحل معنى يجوز أن يرجع في النكاح ويعود كما في إسلام أحد المشركين ثم إسلام الآخر في العدة ، وكما يرتفع بالصوم والإحرام والحيض ثم يعود بزوال هذه المعاني . وحجة من أجاز أن النكاح لو زال لم تعد المرأة إلا بعقد جديد وبصحة الخلع في الرجعية ولوقوع الطلقة الثانية ، والجواب عن كل ذلك أن النكاح ما زال أصله وإنما زال وصفه ، وقال ابن السمعاني : الحق أن القياس يقتضي أن الطلاق إذا وقع زال النكاح كالعتق ، لكن الشرع أثبت الرجعة في النكاح دون العتق فافترقا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية