الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قاعدة في الإجبار على المعاوضات إذا لم يكن فيه ضرر ، وعلى الغير بتركه ضرر

عن سمرة بن جندب أنه كان له نخل في حائط رجل من الأنصار ، ومع الرجل أهله ، فكان سمرة يدخل إلى النخل ، فيتأذى به ويشق عليه ، فطلب إليه أن يبيعها منه فأبى ، فطلب أن يناقله فأبى ، قال : «فهبها لي ولك كذا وكذا » أمرا رغبه فيه ، فأبى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنت مضار » ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري : «اذهب فاقلع نخله » . رواه أبو داود .

فيه من الفقه أن تلك النخلة كانت ملكا لرجل ، وكان بقاؤه في أرض الغير يضر به ، فوجب عليه أن يزيل ضرر رب الأرض ، إما بمعاوضة وإما بتبرع ، فلما امتنع جوز القلع ؛ لأن ترك ذلك ضرار ، كما قال صلى الله عليه وسلم : «إنما أنت مضار » ، ثم قال للأنصاري : «اذهب فاقلع نخله » . وهذا موافق للحديث الذي رواه ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا ضرر ولا [ ص: 50 ] ضرار » .

فصار هذا الحديث أصلا في أن المعصوم إذا أصابه ضرر لا يندفع إلا بمعاوضة من غيره وجبت المعاوضة على ذلك الغير إذا لم يكن عليه فيها ضرر زائد ؛ لأن المعاوضة على هذا الوجه إنما فيها تبديل المال بمثله ، وهذا لا يضره فيه ، وإزالة الضرر عن المسلم واجبة .

وهذا نظير إيجاب الشفعة ، فإن الشريك عليه بالشركة ضرر الشركة والقسمة ، والبائع إذا أراد البيع فهو يأخذ الثمن ، فسيان أخذه من هذا أو من هذا ، فتبديل مشترى بمشترى سواء عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية